تسعيرة النقل في مصر: صراع الأجرة والوقود

تتفاقم أزمة تسعير أجرة النقل في مصر مع كل زيادة بأسعار الوقود، مما يثير توترات بين السائقين والمواطنين، في ظل غياب رقابة فعّالة على وسائل النقل مثل التوك توك والميكروباص، وارتفاع الأعباء المعيشية للجميع.
Picture of عامر عبد الرحمن 

عامر عبد الرحمن 

تواجه وسائل النقل الجماعي والفردي مثل التوكتوك، التاكسي، والميكروباص أزمة متكررة في تسعير الأجرة مع كل زيادة في أسعار البنزين والسولار. تؤدي هذه التغيرات إلى توتر العلاقة بين المواطنين وأصحاب المركبات، مما يجعلها قضية تتكرر مع كل تعديل في أسعار الوقود وتثير جدلًا واسعًا بين الطرفين.

في أكتوبر الماضي، اجتمعت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية، لمراجعة وتحديد أسعار بيعها، واتخذت مجموعة من الإجراءات لتقليل الفجوة بين أسعار بيع هذه المنتجات وتكاليفها الإنتاجية والاستيرادية المرتفعة. وفي 18 أكتوبر الماضي، عُدلّت الأسعار كالتالي: بنزين 95 بسعر 17 جنيهًا/ لتر، وبنزين 92 بسعر 15.25 جنيهًا/ لتر، وبنزين 80 بسعر 13.75 جنيهًا/ لتر، والسولار والكيروسين بسعر 13.50 جنيهًا/ لتر، بينما تم تحديد سعر طن المازوت المورد لباقي الصناعات بتسعة آلاف و500 جنيه، وغاز تموين السيارات بسبعة جنيهات/ للمتر المكعب، كما تقرر تثبيت سعر المازوت المورد للكهرباء والصناعات الغذائية.

ومع انتشار نحو 5 ملايين  توك توك يستخدمها نحو 22 مليون مواطن يوميًا (حسب دراسة بعنوان: أزمة الوقود وتعريفة الركوب )، يظل هذا القطاع خارج نطاق الرقابة المحلية، ما يؤدي إلى مشاجرات مستمرة بسبب اختلاف الأجرة بين المناطق.

في أبريل من العام الجاري، كشفت بيانات نشرة حصر المركبات الصادرة عن  الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عن عدد مركبات التوك توك المرخصة في مصر بنهاية العام الماضي 2023، وقد بلغت على مستوى الجمهورية نحو  192 ألفًا و675 توك توك بنهاية شهر ديسمبر الماضي 2023. وذكرت البيانات أن إجمالي عدد المركبات التي تعمل بالبنزين في مصر تقدر بنحو ثمانية ملايين و242 ألف و222 مركبة، وسجل عدد السيارات الكهربائية الحائزة على ترخيص بنحو ثلاثة آلاف و244 سيارة كهربائية، بينما بلغ عدد السيارات المرخصة التي تعمل بالبنزين والكهرباء نحو ألف و 673 سيارة مرخصة بنهاية نفس الفترة، ما يعني أن مجمل عدد المركبات المرخصة في مصر بنهاية العام الماضي، بلغ نحو تسعة ملايين و 849 ألف مركبة. فيما مثلت السيارات المرخصة بنحو 5.6 مليون سيارة بنسبة 55.8٪ من إجمالي المركبات المرخصة، وحازت السيارات الملاكي على 5.2 مليون سيارة بنسبة 94.3٪، تليها سيارات الأجرة بعدد 310.3 ألف سيارة بنسبة 5.6٪ وأقلها سيارات مؤقت بـ 284 سيارة.

 

نوصي للقراءة: العودة إلى الفُرن البلدي في قرى الصعيد مكسب اقتصادي أم خسارة بيئية؟

 

قائمة أسعار المواصلات 

شهد محرك بحث جوجل ارتفاعًا ملحوظًا في الاستفسارات حول قائمة أسعار المواصلات الجديدة لعام 2024 في القاهرة والمحافظات، بعد إعلان لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية عن زيادة أسعار البنزين والسولار.  هذه الزيادة التي تم تطبيقها أثارت تساؤلات المواطنين حول تأثيرها على تكاليف المواصلات.

ورغم الزيادة الأخيرة في أسعار البنزين والسولار، ما تزال الحكومة – حسب البيانات المتاحة- تتحمل عبئًا ماليًا كبيرًا لدعم المنتجات البترولية بهدف تخفيف الأعباء عن المواطنين. إذ تتحمل نحو 150 مليار جنيه سنويًا لدعم هذه المنتجات، منها 60 مليارًا لدعم السولار وحده ويُباع لتر السولار بالسعر الجديد البالغ 11.50 جنيهًا، بينما تصل تكلفته الفعلية إلى 20 جنيهًا. كما تقدم السلطة دعمًا بقيمة 200 جنيه لكل أسطوانة بوتاجاز وأربعة جنيهات لكل لتر بنزين. وتأتي الزيادة الأخيرة كتحريك وصفته الحكومة بـ الطفيف لأسعار المنتجات البترولية بنسبة تتراوح بين 10 و15%.

يشكو المصريون من زيادة مضاعفة في أجرة التاكسي مع صعوبة الحصول عليه سريعًا ، خاصة في العاصمة القاهرة، ووفقًا للكتاب الإحصائي السنوي الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، شهد عدد سيارات التاكسي في مصر تغيرات ملحوظة على مدار السنوات. إذ بلغ عددها في عام 2009 نحو 308.2 ألف وحدة، وانخفض في 2010 إلى 249.1 ألف وحدة، ليعود مجددًا للارتفاع في 2011 إلى 361.3 ألف وحدة، قبل أن ينخفض مرة أخرى في العام ذاته إلى 307.2 ألف وحدة. وفي عام 2013، وصل عدد سيارات التاكسي المرخصة إلى 318.7 ألف وحدة، لترتفع في العام التالي إلى 322.1 ألف وحدة، ثم إلى 324.4 ألف وحدة في 2015. كما شهدت نموًا كبيرًا في 2016، وبلغ عددها 373.5 ألف وحدة، وواصلت الارتفاع لتصل إلى 383.4 ألف وحدة خلال العام الماضي.

وتفاوتت تعريفة التاكسي الجديدة لعام 2024 بين المحافظات المصرية حسب طبيعة التشغيل، إذ اعتمدت بعض المحافظات على عدّاد التاكسي مثل السويس (ثمانية جنيهات لفتح العداد وأربعة جنيهات لكل كيلومتر)، والشرقية (عشرة جنيهات لفتح العداد و2.75 جنيه لكل كيلومتر)، والإسكندرية (11 جنيهًا و3.85 جنيه لكل كيلومتر)، والمنوفية (عشرة جنيهات و3 جنيهات لكل كيلومتر)، وقنا (عشرة جنيهات و3.5 جنيه لكل كيلومتر)، والإسماعيلية (عشرة جنيهات و2.50 جنيه لكل كيلومتر)، ومطروح (11.5 جنيه و4 جنيهات لكل كيلومتر). أما المحافظات التي تعتمد على أجرة ثابتة، فجاءت الأسعار كالتالي: الفيوم (14.50 جنيه داخل المدينة)، وبني سويف (16 جنيه داخل المدينة و26 جنيه شرق النيل)، وأسيوط (13.50 جنيه للمشوار)، وسوهاج (16.50 جنيه غرب المدينة و21.50 جنيه شرقها)، وأسوان (عشرة جنيهات لفتح العداد وخمسة جنيهات لكل كيلومتر مع زيادة 25% ليلاً)، والعريش (18 إلى 24 جنيه حسب المنطقة)، والمنيا (13 جنيه داخل المنيا القديمة و20 جنيه للانتقال إلى المنيا الجديدة)، وبورسعيد (13 جنيه داخل الحي، و17.5 جنيه بين الأحياء، و23.5 جنيه للمناطق الأبعد).

وقد أعلنت عدة محافظات مصرية عن زيادات جديدة في أسعار المواصلات العامة، وذلك عقب رفع أسعار البنزين والسولار. في محافظة أسيوط، شملت التعريفات الجديدة: 13.5 جنيهًا لركوب التاكسي، و4.5 جنيه للسرفيس داخل المدينة ومدينة أسيوط الجديدة، بينما تراوحت أسعار المواصلات بين أسيوط ومراكزها من 7.5 جنيه لخط أبنوب إلى 21.5 جنيه لخط ديروط. أما المواصلات بين أسيوط والمحافظات الأخرى، فشملت 180 جنيهًا للقاهرة و173 جنيهًا للغردقة. 

وأعلنت القاهرة عن التعريفات الجديدة لأسعار التاكسي الأبيض لعام 2024، إذ حدد سعر فتح العداد بـ 10.5 جنيه، ويشمل أول كيلومتر من الرحلة. بعد ذلك، يُضاف 2 جنيه لكل كيلومتر إضافي، بينما تم تحديد سعر الانتظار بـ 23 جنيه، مع زيادة قدرها 11.5 جنيه لكل ساعة إضافية من الانتظار.

وفي بورسعيد، تراوحت التعريفات بين أربعة جنيهات للسرفيس داخل المحافظة و13 جنيهًا لركوب التاكسي داخل نفس الحي، مع ارتفاع الأسعار بين الأحياء المختلفة لتتراوح بين 17.5 و23.5 جنيهًا. كما تم تحديد تعريفة المواصلات بين بورسعيد والمحافظات الأخرى، مثل 94 جنيهًا لخط بورسعيد-المرج و105 جنيهات لخط بورسعيد-الإسكندرية.

وفي شمال سيناء، شهدت تعريفة المواصلات زيادة تراوحت بين 7% و15%، حيث أصبح خط العريش-القاهرة 120 جنيهًا بدلًا من 105 جنيهات، والعريش-الإسماعيلية 78 جنيهًا بدلًا من 69 جنيهًا، والعريش-القنطرة 57 جنيهًا بدلًا من 50 جنيهًا. بالنسبة للخطوط الداخلية، ارتفعت تعريفة العريش-بئر العبد إلى 27 جنيهًا بدلًا من 24 جنيهًا، والعريش-رفح إلى 18 جنيهًا بدلًا من 15 جنيهًا، مع زيادات مماثلة على باقي الخطوط الداخلية.

هذه الفوضي في تسعير وسائل النقل تتطلب استراتيجيات واضحة لضبط أجرة الركوب لكافة المركبات، مع تعزيز دور السلطات المحلية والجهات الرقابية لضمان الالتزام بهذه التسعيرات. في هذا الصدد، يؤكد حمدي عرفة – أستاذ الإدارة الحكومية والمحلية بالجامعة الدولية للتعليم الإلكتروني وخبير استشاري البلديات الدولية-، وجود قصور كبير في ملف تحديد تعريفات الركوب للمواصلات الجماعية مثل. الميكروباص والتاكسي، رغم قيام المحافظين بتحديد هذه التعريفات من خلال إدارات السرفيس بالمحافظات. مشيرًا إلى أن هناك عدة عوامل تؤدي إلى تفاقم الأزمة؛ أبرزها تجاهل تقسيم الرحلات بما يناسب المناطق المختلفة، وعدم وضع تعريفات واضحة للتوك توك، فضلاً عن غياب التنسيق بين المحافظات المجاورة لتحديد تعريفة موحدة للركوب بين المدن.

يوضح أن التقسيم الحالي للرحلات في المواصلات يعتمد فقط على مرحلتين، تتمثلان في نقطة الانطلاق من الموقف ونقطة الوصول النهائية، ما يفتح المجال أمام السائقين للتلاعب في زيادة الأجرة، داعيًا إلى تمديد التقسيم ليشمل ثلاث مراحل، بهدف ضبط الأجرة وتقليل فرص التلاعب، تشمل الخطوط القصيرة والمتوسطة والطويلة، مع تحديد تعريفة الأجرة لكل مرحلة داخل المحافظة لتتراوح بين 25 قرشًا وجنيه واحد كحد أقصى في المسافات الطويلة بين المراكز.

ويشير “عرفة” إلى أن سيارات الأجرة والميكروباصات تستهلك لترًا واحدًا من الوقود لكل عشرة كيلومترات خارج المدن، بينما يصل الاستهلاك إلى لتر واحد لكل ستة كيلومترات داخل المدن بسبب الازدحام والانتظار، وأن 85% من سيارات التاكسي في 24 محافظة لا تستخدم العدادات، مع نسبة تفتيش فني لا تتعدى 1%، ما يعكس حجم التحدي في هذا الملف.

ويعرب عن استيائه من عدم وجود ملصقات توضح الأسعار على السيارات، ما يزيد من احتمالية حدوث مشاجرات بين السائقين والمواطنين، خاصة مع عدم وجود إجراءات رقابية صارمة تفرض على المخالفين. مؤكدًا أهمية وجود تنسيق بين الإدارات المحلية، وإدارة السرفيس، والإدارة العامة للمرور، لضمان التزام جميع السائقين بالتعريفة الجديدة.

حددت وزارة التنمية المحلية عددًا من الوسائل للإبلاغ عن مخالفات رفع أجرة المواصلات في إطار مبادرة “صوتك مسموع”، إذ يمكن للمواطنين تقديم شكاوى ضد السائقين الذين يتجاوزون التعريفة المحددة. تشمل طرق الإبلاغ الاتصال بالخط الساخن أو تقديم الشكاوى عبر البريد الإلكتروني أو إرسال الشكاوى عبر رقم الواتساب المخصص. مؤكدة أن قانون المرور يفرض عقوبات صارمة على السائقين المخالفين لتعريفة الركوب، تتراوح بين الغرامة وسحب رخصة القيادة، وتواجه السائقين الذين يطلبون أجرة أعلى من المقرر غرامة تتراوح بين 1500 وثلاثة آلاف جنيه، في حين تفرض غرامة تتراوح بين ثلاثمائة و1500 جنيه على السائقين الذين يمتنعون عن نقل الركاب، وفي حالة رصد مخالفة تعريفة ركوب سائقي الميكروباص في نطاق العاصمة، يتم سحب التراخيص وخط السير، وتوقيع مخالفة مرورية على المخالف، إضافة إلى تقديمه للنيابة المرورية لتوقيع غرامة مالية تتراوح بين ثلاثمائة و1500 جنيه. وفي حالة تكرار المخالفات، لن يتم تسليم الرخص للسائق المخالف نهائيًا.

في سياق متصل، يطالب أستاذ الإدارة الحكومية والمحلية بعقد اجتماع عاجل بين المحافظين ورؤساء الأحياء لمواجهة أزمة زيادة تعريفات الركوب، مشيرًا إلى أن تحديد تعريفة ركوب التوك توك، الذي يستخدمه أكثر من 22 مليون مواطن يوميًا – حسب تقديراته-، لا يزال غائبًا عن خطط القيادات المحلية. مشددًا على ضرورة تقسيم الخطوط داخل المحافظات إلى قصيرة، متوسطة، وطويلة، بما يحقق العدالة للمواطنين ويضمن عدم تجاوز التعريفات المقررة.

وبالنسبة للتوكتوك الذي أصبح الوسيلة الأكثر انتشارًا في الأحياء داخليًا، فلا توجد إحصائيات دقيقة حول العدد الإجمالي لمركبات التوك توك في مصر، إذ إن معظمها غير مرخص. فيما قدّر مجلس الوزراء  أعدادها بين 2.5 وثلاثة مليون، وأن نسبة المرخص منها لا تتجاوز 10%، بينما أشار تقرير للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في نوفمبر 2021 إلى أن عدد التكاتك المرخصة يبلغ 274,984 مركبة. ومع ذلك، أوضح صبري عبده – مستشار الرابطة العامة لمالكي التوك توك-، في يونيو 2021 أن العدد الفعلي يصل إلى 5.4 مليون مركبة، بعدما كان ثلاثة ملايين قبل وقف التراخيص في 2018.

وفيما يتعلق بالتاكسي، يدعو “عرفة” إلى تعديل فتح العدادات من خمسة جنيهات إلى ستة جنيهات، مع فرض عقوبات قانونية على السائقين الذين يمتنعون عن استخدام العدادات أو يرفعون الأجرة بشكل مبالغ فيه، مضيفاً أن غياب الرقابة المحلية يساهم بشكل كبير في تفاقم المشكلة، وأنه من الضروري تكثيف الحملات الرقابية لضبط الأسعار وحماية حقوق المواطنين.

في يوليو الماضي، أعلنت لجنة تسعير المنتجات البترولية عن زيادة أسعار البنزين بأنواعه والسولار والمازوت الصناعي، لتصبح الأسعار كالتالي: بنزين 95 بـ 15 جنيهاً للتر، بنزين 92 بـ 13.75 جنيهاً للتر، بنزين 80 بـ 12.25 جنيهاً للتر، والسولار والكيروسين بـ 11.50 جنيهاً لكل لتر. وبناءً على هذه الزيادة، قامت محافظة القاهرة بتعديل تعريفة ركوب السرفيس والنقل العام والأقاليم والتاكسي الأبيض، حيث أصبحت التعريفة الجديدة: 9.5 جنيه لفتح العداد، تشمل كيلومتر، و4.5 قرش لكل كيلومتر إضافي. كما تم تحديد سعر ساعة الانتظار بـ 21 جنيهًا، مع زيادة قدرها 10.5 جنيه لكل ساعة إضافية.

 

نوصي للقراءة: بعد رفع أسعار الوقود.. هل تتجه مصر نحو التضخم؟

 

تباين الآراء 

في ظل ارتفاع أسعار الوقود والتغيرات الاقتصادية المتسارعة، جاءت التسعيرة الجديدة للنقل والمواصلات لتثير جدلًا واسعًا بين السائقين والمواطنين على حد سواء. فبين من يرى أنها ضرورية لمواكبة تكاليف التشغيل المرتفعة، ومن يخشى من أثرها على ميزانية المواطن البسيط، تباينت الآراء وتعددت الرؤى.

ناجح صديق – سائق توك توك من مركز طما بمحافظة سوهاج-، كانت حياته مختلفة تمامًا قبل أربع سنوات. إذ عمل كسائق لسيارة نقل ثقيل، يسافر لمسافات طويلة تستغرق شهورًا، أحيانًا تصل حتى السودان، لكن إصابته بمرض الغضروف أجبرته على التخلي عن العمل الشاق، ودفعته لشراء توك توك كمصدر رزق بديل.

يروي كيف بدأت رحلة جديدة من المعاناة بعد كل زيادة في أسعار البنزين. يقول: “كلما ارتفعت الأسعار، تبدأ المشاحنات مع الزبائن بسبب الأجرة”، مشيرًا إلى أن التفاوض على الأجرة أصبح أمرًا لا مفر منه لتجنب الخلافات، ومع ذلك، لا تقتصر المشكلة على الاتفاق، فالخلافات تتصاعد أحيانًا إلى العنف، وتصل إلى حد التعدي بالضرب أو تقديم الشكاوى في مركز الشرطة.

يشرح “ناجح” أن تحديد أجرة ثابتة للتوك توك أمر صعب للغاية لعدة أسباب، وفي مقدمتها لا توجد مواقف محددة للتكاتك، وكل العمل يعتمد على الطلبات الخاصة عبر الهاتف المحمول”، مضيفًا أن المسافات تختلف من مشوار لآخر، ما يجعل من المستحيل توحيد الأجرة، كما أن معظم التكاتك في الصعيد غير مرخصة ولا تحمل لوحات معدنية، مما يمنح السائقين حرية أكبر في التعامل مع الأسعار دون رقابة أو عقوبات.

في ظل هذه الظروف، يجد ناجح نفسه يتعامل مع نوعين من الزبائن؛ البعض يتفهم الزيادات في الأجرة، بينما يرفضها الآخرون بشدة، ويرى أن الغلاء والضغوطات الاقتصادية هي العوامل الرئيسية وراء تلك الخلافات، سواء في الشارع أو في المنازل.

على الرغم من كل ذلك، يعترف بأن هناك سائقين يستغلون الموقف، “البعض يطلب أجرة مبالغ فيها دون مراعاة للزبائن”، لكنه يشدد في الوقت نفسه على أن ارتفاع أسعار البنزين، وكثرة الأعطال، وتكاليف التصليح هي عوامل تفرض نفسها على سائق التوك توك، وتجبره أحيانًا على طلب أجرة أعلى لتغطية نفقاته. وفي النهاية، يبقى ناجح عالقًا بين محاولاته لتأمين رزقه، وبين تحديات التعامل مع زبائن غاضبين، في بيئة يغلب عليها الطابع العصبي والمشحونات.

ومن جانبه، يقول سيد فتحي – سائق سيارة سوزوكي، يعمل على خط المشايعة بقرية الغنايم بمحافظة أسيوط-، إن الحكومة حددت تسعيرة الأجرة عند 6.5 جنيه، إلا أن الكثير من الركاب يرفضون دفع النصف جنيه الإضافي ويدفعون ستة جنيهات فقط، مضيفا أن البعض الآخر لا يزال يدفع نفس التسعيرة القديمة، مما يؤدي إلى نشوب خلافات ومشاكل يومية.

يوضح أنه في فترة التسعيرة القديمة كان السائقون يتقاضون خمس جنيهات، رغم أن التسعيرة الرسمية كانت 5.5 جنيه، وقد اعتاد السائقون على هذا الأمر ولم يكن هناك مشاكل مع الركاب، ولكن مع التسعيرة الجديدة، يواجه السائقون مقاومة من عدد كبير من الركاب الذين يرفضون الالتزام بها، مشيرًا إلى أن بعض السائقين لا يزالون يعتمدون التسعيرة القديمة حتى الآن، تقديرًا للظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المواطنون. وأن طلاب المدارس ما زالوا يدفعون نفس التعرفة القديمة. 

تتفاقم أزمة التسعيرة في مواقف الميكروباصات، إذ يشكو الركاب من تفاوت الأجرة وغياب الرقابة، بينما يبرر السائقون ذلك بارتفاع تكاليف التشغيل. وفي هذا الصدد يؤكد جمال السائح – رئيس موقف سيارات الميكروباص في قرية الغنايم سابقا بمحافظة أسيوط-، أن اعتراضات المواطنين والسائقين على تسعيرة الأجرة أصبحت أمرًا متكررًا، مبديًا استياء سائقي الميكروباص من الزيادات التي تحددها الحكومة، مشيرًا إلى أنها تُعَد غير عادلة وتتم بشكل عشوائي، ما يجعل الإيرادات اليومية لا تكفي لتلبية متطلبات المعيشة.

يقول جمال، إن طلاب الجامعات والموظفين هما الفئتان الأكثر اعتراضًا على التسعيرة، إذ يتقدمان بشكاوى للجهات الحكومية، لكونهم الأكثر استخدامًا للمواصلات بشكل يومي، بالمقابل، يفضل بعض المواطنين الذين لا يعتمدون على الميكروباصات تجنب أي خلافات، مما يعكس تفاوت الانزعاج بين الركاب.

في سياق عمله، يشير جمال إلى أنهم غالبًا ما يقومون بتحميل الميكروباص بأعداد إضافية من الركاب فوق العدد المسموح به لتجنب تعطيل الطلاب أو الموظفين عن دراستهم أو أعمالهم. ويصف العلاقة بين السائقين والركاب بأنها مؤقتة، وينشغل كل طرف بعد ذلك بحياته الخاصة، ويشير إلى أن سائقي الميكروباص قد قاموا بالإضراب عن العمل في بعض الفترات، مما أدى إلى إخلاء المواقف وازدحامها بالمواطنين احتجاجًا على ما اعتبروه عدم عدالة التسعيرة.

وفيما يتعلق بتحديد التسعيرة، يوضح أن المحافظة تتولى وضع الأسعار الجديدة للمواصلات في المدن والقرى، ويتم لصق التعريفة الجديدة على الزجاج الأمامي للسيارات. كما تُفرض غرامات وتحرر مخالفات بحق من لا يلتزم بهذه التسعيرات، على الرغم من أن بعض الأمور تُحدد وفقًا للظروف السياسية التي تمر بها البلاد.

تتزايد الخلافات والمشكلات بين سائقي وسائل النقل والمواطنين في العديد من المناطق، ويعاني الركاب من الارتفاع المستمر في تسعيرات الأجرة، مما يخلق حالة من الاستياء والغضب بين الطرفين. وفي هذا الشأن يقول زيزو عامر – من سكان القرية العاشرة بمنطقة محرم بك، بمحافظة الإسكندرية-، إن سائقي التوك توك يمارسون البلطجة على المواطنين، وأصبح التنقل الذي لا يتجاوز الكيلومتر يتكبد أجرة تصل إلى 15 جنيهاً، مضيفًا أن عدم دفع الأجرة يؤدي إلى مواجهته مع سائقين يعتبرهم “بلطجية”، في ظل غياب الرقابة على هذه المركبات التي تعمل خارج تسعيرة المحافظة.

ومن جانبها، تشير سحر إبراهيم – من سكان منطقة العوائد-، إلى أن سائقي الميكروباص يقومون بتجزئة الخطوط، حيث يرفضون تحميل الركاب مباشرة إلى وجهاتهم، مما يجعل تكلفة الوصول إلى منطقة العوائد تصل إلى 11 جنيهاً بدلاً من التسعيرة المحددة بـثمان جنيهات، وتعكس هذه الممارسات افتقار الرقابة اللازمة على سائقي الميكروباص.

أظهرت البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2022 في مصر تصدر القاهرة قائمة المحافظات من حيث عدد المركبات، حيث بلغت 2.6 مليون مركبة، ما يمثل 26.2% من الإجمالي. تلتها محافظة الجيزة التي سجلت 1.4 مليون مركبة بنسبة 14%، بينما جاءت محافظة الإسكندرية في المرتبة الثالثة بنحو 731.4 ألف مركبة، تمثل 7.4%. في المقابل، سجلت محافظة جنوب سيناء أدنى الأرقام بعدد 41.9 ألف مركبة، وهو ما يعادل 0.4% من إجمالي المركبات المرخصة خلال العام الماضي.

ويضيف أمير فيصل، أن أهالي برج العرب يعانون من ارتفاع أسعار الأجرة بشكل ملحوظ، حيث يُحدد الموقف الجديد تسعيرة النقل بـ 12.5 جنيه، لكن المواطنين يواجهون واقع دفع 15 جنيهاً عند الاقلال. ويؤكد أن المواطنين، الذين يسعون جاهدين لتأمين قوت يومهم، يجدون أنفسهم في مأزق، إذ يتعرضون للتهديد بعدم توفر وسائل النقل إذا ما رفضوا الدفع وفق الأسعار المرتفعة، هذه المشكلات تعكس حاجة ملحة لوضع آليات فعالة للرقابة وتحديد تسعيرات عادلة تلبي احتياجات المواطنين والسائقين على حد سواء.

في حديثه عن تحديات مهنة السائق، يروي أبو زيد منصور، سائق ميكروباص على خط الوراق- الجيزة، تجربته التي تمتد لأكثر من تسع سنوات، ويشير إلى أن الخلافات تتكرر يوميًا بين السائقين بسبب دور تحميل السيارات والتنافس على الزبائن. في كثير من الأحيان، يواجه السائقون صعوبات في فهم طلبات الركاب، مما يؤدي إلى مشادات في حال تجاوز المحطة المحددة. ويضيف أن الزبائن أحيانًا يرفضون دفع الأجرة كاملة، وقد تصل النزاعات أحيانًا إلى حد الجدال حول نصف جنيه، وهو ما يعتبره منصور أمرًا مستفزًا.

وفي حديثه معنا يوضح هاني قنديل – سائق تاكسي في منطقة المنيب-، التحديات التي يواجهها في عمله، مشيرًا إلى أن الكثير من الزبائن يفضلون عدم تشغيل العداد عند حساب أجرة المشوار. ويعزو ذلك إلى اعتقادهم بأن تشغيل العداد قد يؤدي إلى تكلفة أكبر، كما أن الزبائن يشكون من إمكانية تلاعب سائقي التاكسي بالعدادات.

 بالإضافة إلى ذلك، يواجه السائقون صعوبة في حال ازدحام الطرق، مما يجعل الكثير من الركاب يفضلون الاتفاق على تكلفة المشوار مع السائق مباشرة، ويعتبر قنديل أن هذه الطريقة عادلة للطرفين، حيث يحدد السائق تسعيرته بناءً على الوقت والجهد المبذول.

يلجأ بعض سائقي سيارات الأجرة إلى خدعة عدم تشغيل العداد لاستغلال الركاب وتحديد الأجرة حسب رؤيتهم، مما يعرضهم للمخالفة وفق قانون المرور. تتضمن العقوبات غرامات تتراوح بين 300 و1500 جنيه طبقًا للمادة 70، وتطبق على السائقين الذين يمتنعون عن تشغيل العداد أو يطلبون أجرة أعلى أو ينقلون ركابًا من خارج مواقف الأجرة المحددة. كما تنص المادة 72 مكررًا على سحب رخصة القيادة لمدة تصل إلى شهر في حال وجود عطل بالعداد، ولا تعاد الرخصة إلا بعد إصلاح العداد. عند تكرار المخالفة خلال 6 أشهر، تضاعف مدة السحب، وتلغى الرخصة تمامًا عند التكرار المتكرر مع حظر إعادة الترخيص لمدة ثلاث سنوات.

يضيف قنديل أن أعمال التاكسي قد تراجعت بشكل كبير عما كانت عليه سابقًا، ويرجع ذلك إلى توافر وسائل النقل العامة المتعددة، مثل المترو والأتوبيسات، بالإضافة إلى خدمات التطبيقات الذكية مثل أوبر وكريم وسويفل، التي باتت تنافس بشكل مباشر.

ويشير قنديل إلى أن زيادة عدد التاكسيات، بالإضافة إلى استخدام بعض أصحاب السيارات الملاكي كسيارات تاكسي، ساهم في خلق حالة من التنافس الشديد، ورغم وجود خلافات بين سائقي التاكسي، إلا أنها لا تقارن بتلك التي تحدث بين سائقي الميكروباص والتوك توك، حيث يميل المواطنون لاستخدام التاكسي فقط في حالات الضرورة القصوى، أو عندما يكون الزبون في حالة مزاجية جيدة، أما المواطن البسيط، فيفضل استخدام وسائل النقل العامة البسيطة والمنخفضة.

وتعليقًا على الوضع، يقول أحمد عبد العظيم – سائق سيارة أجرة” التاكسي”- أن المواطنين يحملون السائقين مسؤولية هذه الزيادات، متجاهلين السبب الأساسي، وهو ارتفاع أسعار المواد البترولية، موضحاً أنه يجب على الجميع تفهم أن هذه الزيادة تؤثر على الجميع بلا استثناء.

ويضيف عبد العظيم، أن المواطنين غالبًا ما يفتعلون المشاكل مع سائقي الأجرة بسبب التعريفة الجديدة، التي حددت بـ16 جنيهًا داخل المدينة و26 جنيهًا لمنطقة شرق النيل، وأن المواطنين يطالبون بعودة الأسعار إلى سابق عهدها، دون مراعاة التغييرات التي طرأت على أسعار الوقود وفقًا لقرارات الحكومة.

شهدت أسعار البنزين والمحروقات في مصر 12 زيادة منذ عام 2014 وحتى 2024، ضمن خطط الحكومة لإعادة هيكلة منظومة الدعم التي تستحوذ على نحو 20% من فاتورة الدعم الاجتماعي. بدأت الزيادات في يونيو 2014، حيث ارتفع سعر بنزين 80 بنسبة 50%، تزامناً مع تحرير سعر الجنيه أمام الدولار في 2016 مما أدى إلى زيادات أخرى. في 2017، رفعت الحكومة سعر لتر بنزين 80 إلى 3.65 جنيه والبوتاجاز إلى 30 جنيهاً، تبعتها زيادات جديدة في 2018، ثم في منتصف 2019 ارتفع سعر لتر بنزين 80 إلى 6.75 جنيه. عام 2020 شهد خفضًا طفيفًا، لكن الأسعار عادت للارتفاع في 2021 بقيمة 25 قرشًا، واستمر الارتفاع حتى يوليو 2022 حيث وصل بنزين 80 إلى 8 جنيهات، ومع نهاية العام ارتفع بنزين 80 إلى 10 جنيه. ثلاث زيادات في عام 2024 ،ففي مارس 2024، أصبح سعر بنزين 80 بـ11 جنيهًا، بنزين 92 بـ12.5 جنيه، بنزين 95 بـ13.5 جنيه، والسولار بـ10 جنيهات، بينما بلغ سعر أسطوانة البوتاجاز 100 جنيه. وفي 25 يوليو 2024، أعلنت لجنة تسعير المنتجات البترولية عن زيادة أسعار البنزين والسولار. ارتفع سعر لتر بنزين 80 إلى 12.25 جنيه، وبنزين 92 إلى 13.75 جنيه، وسجل بنزين 95 سعر 15 جنيهاً. أصبح سعر السولار والكيروسين 11.5 جنيه لكل لتر، بينما ارتفع سعر طن المازوت لباقي الصناعات إلى 8500 جنيه، مع تثبيت سعر المازوت المخصص للكهرباء والصناعات الغذائية.

وفي 18 أكتوبر 2024، أعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية عن زيادة جديدة في أسعار البنزين والسولار، وهي الزيادة الثالثة خلال العام، حيث ارتفع سعر بنزين 95 من 15 جنيهاً إلى 17 جنيهاً، وبنزين 92 من 13.75 جنيه إلى 15.25 جنيه، وبنزين 80 من 12.25 جنيه إلى 13.75 جنيه، والسولار من 11.50 جنيه إلى 13.50 جنيه، بينما زاد سعر المازوت الصناعي من 8500 جنيه إلى 9500 جنيه، وغاز السيارات من 6.5 جنيه إلى 7 جنيهات، مع تثبيت سعر المازوت المورد لمحطات الكهرباء والصناعات الغذائية.

وفيما يتعلق بتعليقات النواب والمسؤولين حول أزمة التسعيرة الجديدة بين السائقين والمواطنين، يؤكد النائب محمد وفيق – وكيل لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب-، في حديثه معنا، أن التغيرات العالمية في أسعار البترول ومشتقاته دفعت الحكومة إلى اتخاذ قرار بزيادة أسعار الوقود، للحد من الفجوة بين التكاليف الحقيقية والدعم الذي تتحمله الدولة، موضحاً أن لكل قرار إيجابيات وسلبيات، إذ يؤدي قرار زيادة أسعار الوقود إلى ارتفاع تعريفة وسائل النقل الجماعي والفردي مثل الميكروباص، التاكسي، والتوك توك، مما يزيد من الأعباء على كاهل المواطنين، ومع ذلك، يرى أن الأوضاع الاقتصادية في البلاد تتطلب اتخاذ مثل هذا القرار لمواجهة تداعيات الأزمات الاقتصادية العالمية.

مع كل قرار اقتصادي يحمل تداعيات على حياة المواطنين، تتولد مجموعة من المشكلات والخلافات التي تحتاج إلى تدخل حكيم لحلها، ومن أبرز هذه التحديات، التوترات المتكررة بين المواطنين وسائقي المركبات العامة، لا سيما سائقي التوك توك، الذين يمثلون وسيلة نقل أساسية للكثير من الناس في الأحياء الشعبية، وفي هذا السياق، يوضح “وفيق” أن حل هذه الإشكاليات يتطلب دورًا فعالًا من المجتمع المدني وتعاونًا من المواطنين أنفسهم، للتصدي لأي استغلال أو مغالاة قد تنشأ في هذه الظروف، مشيراً إلى أن الحكومة لا يمكنها التدخل في جميع التفاصيل، مما يستدعي تعزيز الوعي المجتمعي وتوجيه المواطنين للقيام بدورهم في التصدي لحالات الاستغلال.

تتزايد أهمية دور المجتمع المدني في معالجة الأزمات اليومية للمواطنين، خاصة مع الظروف الاقتصادية الراهنة. وفي هذا الإطار، يدعو النائب محمد وفيق إلى تعزيز دور المجتمع المدني والمواطنين في فض النزاعات بين أصحاب المركبات والمواطنين، ومراقبة أي تجاوزات قد تحدث نتيجة رفع تعريفة النقل، مؤكداً أن هناك ضرورة لتعاون الجميع في الحد من هذه الظاهرة، مشيرًا إلى أن البعض يلجأ لرفع الأسعار بشكل غير مبرر مما يثقل كاهل المواطنين دون مبرر حقيقي لذلك.

في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية، يرى النائب محمد وفيق أن الحل يكمن في تضافر جهود الحكومة والمجتمع المدني والمواطنين لمواجهة تبعات ارتفاع أسعار الوقود وتقليل الآثار السلبية على الحياة اليومية للمواطنين، ويؤكد أن تحمل المسؤولية الجماعية والتوعية المجتمعية سيسهمان في تخفيف الضغوط الاقتصادية، ويحققان التوازن المطلوب في ظل الظروف الحالية.

وفي رأي آخر، يشير النائب إيهاب منصور – رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي بمجلس النواب-، إلى أهمية أن تأخذ لجان التسعير بعين الاعتبار حجم الزيادة الحاصلة، محذرًا من وجود تفاوت كبير بين نسبة التسعيرة ونسبة ارتفاع أسعار البنزين والسولار. مشيرًا إلى أن الرقابة تعاني من غياب مؤسف، رغم الجهود التي يبذلها بعض المحافظين، إلا أن الكثير منها لا يحقق الفاعلية المطلوبة على أرض الواقع، موضحاً أن ضبط التسعيرة الجديدة يعتمد بشكل كبير على شخصية المحافظ، حيث يسهم المحافظ الذي يتواجد في الشارع ويتابع الأمور ميدانيًا في تحقيق رقابة وانضباط أفضل، بعكس المحافظين الذين لا يقومون بذلك.

ويضيف منصور، أنه يجب وجود نظام محدد يُفعّل الرقابة، موضحًا أن هذا النظام يبدأ العمل عندما تعي الحكومة غياب الرقابة وتحتاج إلى زيادة أعداد العاملين فيها وتوفير الدعم المالي اللازم، مؤكداً أن كل مليار يُستثمر في دعم وتطوير الرقابة يمكن أن يوفر نحو 10 مليارات في مجالات أخرى.

وفيما يتعلق بخطة الحكومة لترقيم التكاتك، يشير النائب البرلماني إلى أنه على الرغم من الإعلان عن هذه الخطة، إلا أن عددًا قليلاً من التكاتك تم ترقيمه، بينما لم يُطبق ذلك على الغالبية دون توضيح الأسباب، ورغم وجود بعض سائقي التوك توك الذين يسعون لكسب لقمة العيش، إلا أن العديد منهم يرتكبون جرائم فظيعة. لذا، شدد على ضرورة أن تُسرع الحكومة في عملية ترقيم التكاتك، وأن يقوم المحافظون بتحديد التعريفات والأسعار المناسبة وفقًا لكل محافظة، حيث لا يمكن أن يتقاضى التوك توك أجورًا أعلى من تلك التي يتقاضاها التاكسي في بعض المناطق.

ويؤكد أن الحل يكمن في زيادة الرقابة، مشيرًا إلى عدم معرفته بالمعايير أو المعادلات التي تُستخدم لتحديد وزيادة التعريفات.

 وبسؤاله عن تقييم أداء المحافظين في ضبط التسعيرة الجديدة على أرض الواقع، يجيب أنه لا توجد ضوابط واضحة، مما أدى إلى حالة من الانفلات في أسعار التعريفات، حيث تتفاوت من منطقة إلى أخرى، ورغم أن هناك بعض المناطق التي تحاول ضبط هذا الأمر، إلا أنها لا تتمكن في النهاية من تحقيق ذلك. مشددًا على أن مصر بحاجة إلى جهاز رقابي حقيقي، محذرًا من أن الفساد إذا استشرى سيلتهم العديد من الموارد، وقد نوه عن ذلك سابقًا، وللأسف لم تقتنع الحكومة بما قال، مما يمثل خطرًا شديدًا قد يؤدي إلى آثار سلبية، لذا يجب إعادة النظر في هذا الأمر. 

عامر عبد الرحمن 
صحفي تحقيقات

Search