وسط الأضواء الحمراء وصافرات الإنذار، يقف العاملون في هيئة الإسعاف المصرية في مقدمة الصفوف، مستجيبين لنداءات الاستغاثة، منقذين الأرواح في أصعب اللحظات وأخطرها. هؤلاء المسعفون، الذين يكرسون حياتهم لخدمة الآخرين، يتحملون ساعات عمل طويلة وظروف قاسية لا تخلو من المخاطر، ويترقبون دعمًا ملموسًا يساعدهم على مواكبة تكاليف الحياة المتزايدة. لكن، على الرغم من مطالباتهم المستمرة منذ سنوات، والوعود بتحسين أوضاعهم وبدلاتهم، يأتي الواقع محبطًا وغير مطابق لهذه التطلعات.
ففي يناير 2024، اجتمع مجلس إدارة هيئة الإسعاف المصرية ليبحث محاور التطوير التي طالت الهيئة وتحديات العمل ونقص الكوادر البشرية، وتخلل الجلسة نقاش حول رفع أسعار خدمات الإسعاف غير الطارئة بالإضافة إلى الحديث عن جهود تحسين أجور العاملين. وفي أكتوبر 2024، رفعت هيئة الإسعاف المصرية بالفعل أسعار خدمات الإسعاف غير الطارئة بنحو 300%، مبررة ذلك بارتفاع أسعار الوقود وتكاليف التشغيل، ليصبح النقل داخل المحافظات بين 450 جنيهًا و3775 جنيهًا، أما بين المحافظات فبلغت من 550 جنيهًا إلى 9100 جنيه.
رغم أن هذه الزيادة هي الأكبر وهي أول زيادة لهذه الخدمات منذ عام 2019، إذ كانت أسعار خدمات الإسعاف ثابتة منذ عام 2009، إلا أن هذه الزيادة الأخيرة لم تنعكس بأي شكل على تحسين أوضاع العاملين حتى الآن. وبينما كان يتوقع العاملون بالهيئة أن تكون الزيادة الأخيرة جزءًا من تحسين شامل يتناول رواتبهم وبدلاتهم، بقيت بدلاتهم على حالها، واستمر تجاهل مطالبهم بتحسين الأوضاع ومساواتهم بزملائهم خارج الهيئة، لكنّ أصواتهم لم تكف عن النداء بحقوقهم، وعن الحديث عن جهودهم ومعاناتهم.
فما هي مطالبهم؟ ومما يعانون؟ ولماذا لم يتم تحقيق هذه المطالب؟
نوصي للقراءة: عمالة الأطفال في مصر: طفولة مسلوبة وحوادث قاتلة خلال رحلات العمل اليومية
تفاوت في البدلات
يوضح أحمد (اسم مستعار)، الممرض الذي يعمل في هيئة الإسعاف منذ 25 عامًا تقريبًا، سبب شكواه هو وزملاؤه إلى زاوية ثالثة. يقول: “تأسست هيئة الإسعاف المصرية عام 2008 بلوائح خاصة لتمييز العاملين بسبب ظروف العمل الشاقة وساعات العمل الطويلة. لكن مع مرور الوقت، تحوّلت هذه اللوائح إلى لعنة علينا، حيث أصبحت تحول بيننا وبين الحصول على المزايا التي يحصل عليها زملائنا في بقية القطاع الصحي.”
يشير الممرض إلى الفارق الكبير بينه وبين زملائه خارج الهيئة. يقول إن: “زملائنا في التمريض، العاملين خارج هيئة الإسعاف وفق قانون 14 للمهن الطبية، يحصلون على رواتب وبدلات تتخطانا بكثير، رغم أن ساعات عملهم ست ساعات يوميًا، بينما نعمل نحن 12 ساعة. بدل مخاطر المهن الطبية، على سبيل المثال، ارتفع لهم حتى وصل إلى 1350 جنيهًا، لكنه بالنسبة لنا 500 جنيه فقط، وبدل السهر والمبيت خارج الهيئة يصل إلى 190 جنيهًا، بينما نتقاضى نحن 100 جنيهًا. حتى ساعات العمل الإضافي للتمريض في التأمين الصحي الساعة أجرها 35 جنيه في حين يصل أجرها داخل الهيئة إلى ثمانية جنيهات فقط.
أما عن النقطة الأكثر غرابة والأكثر إثارة لغضب العاملين في هيئة الإسعاف، فهي بدل الوجبة، يقول أحمد: “بدل الوجبة لدينا لا يتجاوز 20 جنيهًا لكل 24 ساعة عمل، وهو ما لا يكفي لتغطية تكاليف وجبة واحدة. إذ تم تحديد هذا المبلغ منذ عام 2008، ولم تتم زيادته حتى الآن فهل من المعقول أن يظل بدل الوجبة ثابتًا على مدار 16 عام بينما تضاعفت الأسعار؟”
ويضيف أحمد: “نحن الجهة الوحيدة في الدولة التي تعمل 12 ساعة يوميًا، إذا قسّمت مرتبي على ساعات العمل الفعلية، فسوف يتبين أنه من أقل المرتبات في الدولة. نحن لا نطلب أكثر من المساواة مع زملائنا في القطاع الصحي.”
وبالحديث عن طبيعة العمل وحجم المجهود الذي يبذله العاملون في هيئة الإسعاف، يبين ممدوح، وهو مسعف في هيئة الإسعاف منذ 30 عامًا: “أنا وزملائي في الهيئة نبذل جهد كبير في العمل. فنحن أول من يستجيب للمرضى والمصابين، نحن نجدتهم الأولى قبل وصولهم للمستشفى، ونبذل جهدًا هائلًا لضمان سلامتهم، كما أن عملنا لا يتوقف خلال كافة المناسبات والأعياد”. مضيفًا: ” وبالرغم من أن قانون العمل يحدد ساعات العمل الأسبوعية من 36 إلى 40 ساعة، إلا أننا نعمل لمدة 48 ساعة، إضافة إلى يوم عمل آخر لتعويض نقص العاملين في الهيئة.”
ويردف: “فالكثير من زملائنا اضطروا إلى إلغاء انتدابهم وترك الهيئة بسبب تدني الأجور مقارنة بالمجهود.”
يبذل العاملون بهيئة الإسعاف مجهود كبير حقًا في عملهم، وقد برز ذلك بالفعل خلال أزمة كورونا، حيث تعرض بعض المسعفون لحالات إغماء نتيجة الإجهاد الشديد وساعات العمل الطويلة.
وعن طبيعة عمله، يشرح: “لا يقتصر عملي على إسعاف المرضى والمصابين والتواجد في أماكن الاحتفالات والأحداث فقط، ولكن من بين المهام التي أؤديها أيضًا هي تنظيف سيارة الإسعاف، التي تكون أحيانًا ملوثة بالدماء بعد نقل المصابين من الحوادث. في هذه اللحظات، نكون معرضين لخطر العدوى، ومع ذلك لا نحصل على بدلات كافية.”
يربط ممدوح أكثر المشاكل جدلًا، وهو بدل الوجبة، بالمجهود الذي يبذله وأهمية ذلك بالنسبة للعمل، قائلًا: “إن الهيئة رفعت أسعار الخدمات مؤخرًا بسبب ارتفاع تكاليف الوقود وقطع الغيار. في حين ارتفعت أيضًا أسعار السلع الغذائية بشكل ملحوظ، فقد كنت أشتري علبة الجبن بسعر سبعة جنيهات، لكنها أصبحت الآن بـ22 جنيهًا، وهو مبلغ يتجاوز بدل الوجبة الذي نحصل عليه من الهيئة والذي لم يتجاوز 20 جنيهًا منذ عام 2008. بينما في السابق كان هناك وجبة مخصصة للعاملين في الإسعاف تحتوي على بروتين مثل، الدجاج، حتى تم استبدالها ببدل نقدي غير كافٍ. في نفس الوقت، نحن بحاجة إلى تغذية سليمة مقابل المجهود الذي نبذله، لكي نتمكن من العمل بكفاءة وهذه نقطة لا يمكن إغفالها.”
نوصي للقراءة: لقمة العيش تحت أشعة الشمس: مخاطر بلا حماية لعمال التوصيل في مصر
رواتب ضئيلة
أما عن الرواتب، يقول ممدوح: “الرواتب في هيئة الإسعاف بالكاد تجاري معدلات التضخم، وهي أقل من رواتب العاملين في أماكن أخرى وفي التأمين الصحي الشامل، فعلى سبيل المثال، يتقاضى الممرض الذي يعمل في الهيئة لمدة تتراوح بين أربع إلى ست سنوات راتبًا قدره 6000 جنيه تقريبًا، بينما يتلقى زملائهم في أماكن أخرى ضعف هذا المبلغ. أما أنا، فبعد 30 عامًا في هذا المجال، أتقاضى 11 ألف جنيه فقط شاملاً كل البدلات، بينما لو كنت أعمل في التأمين الصحي الشامل، لكان راتبي قد وصل إلى 16 ألف جنيه.”
يتابع: “كما أنه عند مقارنة راتب اليوم بالراتب في عام 2014، نجد أن قيمته الفعلية تراجعت. ففي 2014، كان راتبي 6000 جنيهًا، أما الآن فأصبح 11 ألف جنيه شامل كل البدلات والحوافز، لكن هذا الارتفاع لم يعوّض تراجع القدرة الشرائية، إذ ارتفع سعر الدولار عدة مرات، وتضاعفت الأسعار بشكل كبير، ما جعل رواتبنا تتآكل أمام التضخم.”
يضيف المسعف بهيئة الإسعاف: “قد يعتقد البعض أن هذا الراتب معقول مقارنة برواتب أخرى متدنية، لكن عند النظر إلى طبيعة العمل وظروفه القاسية، يظهر حجم الجهد الذي نبذله. نحن نعمل لساعات طويلة في بيئة عمل صعبة، ونتعامل مع حالات طوارئ وحوادث خطيرة، وواجهنا خلال فترة جائحة كورونا خطر العدوى الشديد، في وقت كانت فيه بعض عائلات المرضى تتجنب التعامل معهم خوفًا من الإصابة، بينما نحن واجهنا المخاطر وأدّينا واجبنا، وفقدنا أيضًا بعض زملائنا”. متابعًا: “كما أن مكافأة نهاية الخدمة غير متوفرة لنا، فلا يحصل المتقاعد أو المتوفى منا سوى على معاش قد يكون ضعيف إعتمادًا على سنوات الخدمة وقانون العمل.”
يتحدث ممدوح، عن معاناة العاملين في الهيئة وافتقارهم لأبسط مقومات الرعاية الصحية رغم الجهود التي يبذلونها يوميًا. فبرغم انتمائهم للقطاع الصحي، إلا أن الهيئة لا توفر لهم مستشفى مخصصة لعلاجهم أو أسرهم. يستذكر ممدوح حادثة وفاة ابنته، التي عانت من السرطان، دون أي دعم من الهيئة للمساهمة في نفقات علاجها، ما تركه حتى اليوم مثقلًا بالديون.
يوضح: “العاملون في الهيئة يواجهون تحديات إضافية، إذ أن المسعف الذي يصاب بانزلاق غضروفي يتم نقله للعمل الإداري، لكن في هذه الحالة يتم حذف بعض البدلات عنه، ما يعني فقدان العديد من الامتيازات المالية. هذه السياسات تعزز الإحساس بعدم التقدير، وعدم الاستجابة لمطالبنا يزيد من شعور البعض بالإحباط.”
يصف المُسعف بهيئة الإسعاف الإحباط المتزايد لدى العاملين بسبب تجاهل مطالبهم بالمساواة، قائلاً: “هذا التهميش يؤثر بشكل مباشر على صحتهم النفسية والجسدية، مما يقلل من قدرتهم على أداء مهامهم الحيوية.”، مستطرًا بـ تشبيه حالة العاملين بالسيارة التي تحتاج وقودًا عالي الجودة، لكنها تعمل بوقود أقل كفاءة مما يؤثر على حالتها وعملها، في إشارة إلى انعكاس كل ما يعانون منه على حالتهم الصحية وعلى أدائهم في العمل.
وبالحديث عن الحلول التي يلجأ إليها من يكل من العاملين من ظروف العمل بالهيئة، يقول: “بسبب امتداد ساعات العمل إلى 24 ساعة تقريبًا، لا يمكننا إيجاد فرصة للعمل في وظائف إضافية لتحسين دخلنا، لكن بعض الزملاء يلجأون إلى إنهاء انتدابهم بالهيئة والانتقال إلى أماكن أخرى توفر ظروفًا أفضل وساعات عمل أقل، ما يساهم في نقص متزايد بأعداد العاملين ويضاعف الأعباء على من تبقى.”
نوصي للقراءة: عمال القابضة لمياه الشٌرب.. سُخرة وأجور أقلّ من الحدّ الأدنى
زيادات بطيئة
ليتضح كيف تمت التفرقة بين العاملين في هيئة الإسعاف وزملائهم العاملين خارجها، يجب تسليط الضوء على جزء من تاريخ الهيئة. بدأت قصة الإسعاف في مصر بتأسيس جمعية الإسعاف المصرية في الإسكندرية عام 1902، وانتشرت بعد ذلك جمعيات مماثلة في عدة محافظات، لتلبية الحاجة المتزايدة للخدمات الإسعافية. ومع مرور الزمن، ظهرت الحاجة إلى تنظيم هذا المرفق الحيوي بشكل أكثر شمولية، ما أدى إلى تأسيس “هيئة الإسعاف المصرية” عام 2009.
لكن في البداية، كانت صيغة قرار إنشاء هيئة الإسعاف تشير إلى تحويل خدمات الإسعاف من خدمة عامة مجانية إلى مشروع ربحي، وهو ما أثار اعتراضات قوية من مجلس الدولة ومنظمات المجتمع المدني، الذين طالبوا بضمان تقديم خدمات الإسعاف مجاناً في حالات الطوارئ. وبالفعل، استجابت الحكومة لهذه الاعتراضات وأدخلت تعديلات جوهرية على القرار. ذلك وفقًا لما ذكرته المبادرة المصرية للحقوق الشخصية. وفي 3 مايو 2009، صدر القرار الجمهوري رقم 139 ليعلن تأسيس الهيئة، وبهذا أصبحت الإسعاف هيئة عامة مستقلة ذات لائحة خاصة، مع التأكيد على طابعها الخدمي الذي يخدم جميع المواطنين والمقيمين في مصر.
بعد أن أصبح للهيئة لائحة خاصة، أصبحت كل البدلات والزيادات التي يتم صرفها للعاملين في القطاع الصحي ممن يتم مخاطبتهم بقانون تنظيم شئون أعضاء المهن الطبية رقم 14 لسنة 2014 وتعديلاته الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 137 لسنة 2014 لا تنطبق على العاملين بهيئة الإسعاف. ومن هنا أصبحت بدلات ورواتب العاملون داخل هيئة الإسعاف تختلف عن العاملون خارجها، والزيادات التي يتم منحها للعاملين بقانون رقم 14 للمهن الطبية يقابلها دائمًا مطالبات ليس فقط من العاملين داخل الهيئة بالمساواة، بل أيضًا من البرلمان ونقابة العاملين بهيئة الإسعاف.
ففي 7 فبراير، عام 2014، تم إعطاء العاملين بالمهن الطبية بعض الحوافز والبدلات من بينها بدل مخاطر مهنة 200 جنيه، بينما لم يتم إعطاء مثل تلك الحوافز للعاملين بهيئة الإسعاف، الأمر الذي دفع نقابة العاملين بهيئة الإسعاف إلى السعي والمطالبة ببدلات مماثلة للعاملين بالهيئة، وبالفعل في 16 فبراير 2014، وافق مجلس إدارة الهيئة على صرف حوافز وبدلات، من بينها بدل مهن طبية بقيمة 150 جنيه، كما تم تعديل بدل السهر ليصبح 10 جنيهات، وبدل المبيت بقيمة 15 جنيهًا، أما بدل الوجبة فأصبح 20 جنيهًا لنظام عمل 24 ساعة. وفي نفس العام أيضًا قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بتعديل قانون 14 للمهن الطبية وتم زيادة الحوافز والبدلات ليصبح بدل المهن الطبية يتراوح بين 400 و700 جنيه حسب الوظيفة، لكن هذه المرة لم تتم زيادة العاملين في هيئة الإسعاف وظلت بدلاتهم كما هي.
وفي عام 2020، حيث كانت الطواقم الطبية في الخطوط الأولى لمواجهة فيروس كورونا، بما فيهم الإسعاف، قام رئيس الجمهورية بزيادة بدل المهن الطبية بنسبة 75% للعاملين بقانون 14 للمهن الطبية، بينما ظل العاملون في هيئة الإسعاف على حالهم، وأخذ نقيبهم وائل سرحان، يطالب برفع بدل الطوارئ ليصل إلى 400%، وزيادة بدل المهن الطبية ليصبح 700 جنيه لكل العاملين في هيئة الإسعاف، مساواةً بالعاملين المشمولين بقانون 14 لسنة 2014 وتعديلاته، كما قدمت أيضًا النائبة إيفلين متى بطرس، عضو مجلس النواب، مقترحًا برلمانيًا إلى رئيس الوزراء ووزيري الصحة والمالية، في أبريل 2020، للمطالبة بإدراج العاملين بهيئة الإسعاف المصرية في زيادة بدل المهن الطبية، مسلطة الضوء على ضرورة تقدير دورهم المهم خلال أزمة كورونا، لكن بدل المهن الطبية لم يتم تعديله للعاملين بهيئة الإسعاف. وفي عام 2022 تم صرف مكافآت تشجيعية للعاملين في الهيئة المتعاملين مع حالات كورونا.
وبالتزامن مع ارتفاع الأسعار، استمرت زيادة البدلات للعاملين بقانون 14 للمهن الطبية واستمر تخطيها بدلات العاملين بهيئة الإسعاف بشكل كبير، بينما لم تتوقف مطالبات العاملين بهيئة الإسعاف ونقابتهم بالزيادة والمساواة. هذا بالإضافة إلى مطالبات البرلمان، حيث تقدم النائب أيمن أبو العلا، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، بطلب إحاطة لرئيس الوزراء ووزير الصحة، يطالب فيه بتحسين رواتب وبدلات المسعفين في هيئة الإسعاف المصرية، التي تعاني من تدني الأجور وعدم المساواة مع زملائهم في التمريض. وأوضح أن المسعفين يعملون 12 ساعة يوميًا، مقابل 6 ساعات للعاملين خارج الهيئة، إلا أن بدل مخاطر العدوى لهم لم يتغير منذ 2014 ويبلغ 150 جنيهًا، في حين ارتفع للعاملين الآخرين إلى 1400 جنيه. كما أشار إلى بدل السهر والمبيت المنخفض جدًا، وبدل الوجبة الذي لم يُعدَّل منذ 2008.
وبعد أن وصل بدل مخاطر المهن الطبية إلى 1350 جنيهًا للعاملين بقانون 14 للمن الطبية من الحاصلين على دبلومات فنية لفنيي التمريض والفنيين الصحيين، في فبراير 2024، اعتمد رئيس الجمهورية مقترح تحسين أجور العاملين بهيئة الإسعاف، وتم زيادة البدلات والحوافز لهم، في مارس 2024، ليصبح حافز المهن الطبية 500 جنيهًا لأطقم التشغيل والمشرفين والإداريين والسائقين، و750 جنيهًا للأطباء، أما بدل السهر فأصبح 50 جنيهًا وبدل المبيت 50 جنيهًا.
نوصي للقراءة: الاحتجاجات العمالية في مصر… غلق كافة النوافذ أمام التفاوض السلمي
مساواة غائبة
بالرغم من الزيادة الأخيرة إلا أن العاملون بهيئة الإسعاف لم تنتهي مطالبهم بعد، إذ لم يتم زيادة بدل الوجبة، فمازال بدلها 20 جنيهًا، ومازالت عدد ساعات العمل أكثر من زملائهم خارج الهيئة، ومازال بدل المهن الطبية، وبدل المبيت والسهر أقل من البدل المخصص للعاملين بقانون 14 للمهن الطبية، وما زال العاملون بالهيئة يريدون المساواة بهم. يقول أحمد: ” كل ما نطلبه هو العدل والمساواة. هل هذا كثير؟”
ومن جهته، أوضح نائب البرلمان، أيمن أبو العلا، إلى زاوية ثالثة: “أن الكادر الطبي لا يسمح بدخول العاملين بهيئة الإسعاف، لأن ذلك سوف يفتح الباب لدخول فئات أخرى، مما سيمثل ضغط على موازنة الصحة.”
بينما، قال عمرو رشيد – رئيس هيئة الإسعاف-، في تصريحات صحفية سابقة: “إن العاملين يأخذون حقوقهم بالفعل، ولا يمكن الانتقاص منها تحت أي ظرف، مشيرًا إلى أن جميع الأعمال الإضافية يتم تعويض العاملين عنها”. كما قال أيضًا: “إن الوزارة تبذل جهودًا مستمرة لحل المشكلات القائمة، مع الحرص على عدم تحميل المواطنين أي أعباء مالية إضافية”. علمًا بأن هذا التصريح كان قبل زيادة أسعار خدمات الإسعاف الغير طارئة، القرار الذي دفع العاملين بالهيئة للمطالبة بحقوقهم مرة أخرى بعد أخر زيادات حصلوا عليها. كما دفع هذا القرار أيضًا نقيب المسعفين، إلى مطالبة رئيس النقابة العامة للعاملين بهيئة الإسعاف المصرية، بتخصيص جزء من رسوم الخدمات غير الطارئة التي تحصلها الهيئة، ليتم منحه للعاملين الذين يقومون بأداء تلك الخدمات.
وقد حاولت زاوية ثالثة التواصل مع نقيب العاملين بهيئة الإسعاف وفق ميعاد مسبق، لسؤاله حول آخر التطورات بخصوص مكافأة نهاية الخدمة للعاملين في الهيئة، وحول المطالب التي يطالب بها العاملون بخصوص الرعاية الصحية لهم و لعائلاتهم، لكنه لم يجيب حتى كتابة هذه السطور.
إن تحقيق مطالب العاملين بهيئة الإسعاف يسير بشكل بطيء، وما زالت بعض المطالب التي يطالبون بها منذ سنوات عديدة لم تتحقق حتى الآن، حتى بعد زيادة أسعار الخدمات غير الطارئة لهيئة الإسعاف. وبالنسبة للعاملين، تبدو وعود تحسين ظروف العمل وكأنها لا تتماشى مع مجهودهم ومع التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة التي يواجهونها يوميًا. وفي ظل استمرار عملهم تحت ظروف تتطلب جهدًا كبيرًا ومخاطر صحية عالية، تظل آمالهم معلقة على تحقيق العدالة والمساواة مع زملائهم في القطاع الصحي، ليكونوا قادرين على أداء واجبهم الإنساني الذي يضعهم دائمًا في مقدمة خطوط الطوارئ.