يعيش أبناء الجالية المصرية في لبنان حالة من الرعب والترقب خشية تعرضهم للقتل على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، بعد أن بدأت تل أبيب عمليات موسعة في الجنوب اللبناني، الأسبوع الماضي، امتدت إلى مناطق من بيروت. كما أدت إلى اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، ونزوح نحو مليون شخص من الجنوب خلال أيام قليلة.
مع تفاقم الأوضاع في لبنان أوقفت شركة مصر للطيران رحلاتها من وإلى لبنان؛ ليعلق المصريون في ظروف قاسية، ويظل بعضهم غير قادر على تدبير نفقات السفر حال استئناف رحلات شركة الطيران المصرية الوطنية، بعد فقدان وظائفهم مع تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تشهدها لبنان قبيل الحرب، فيما ينتظر البعض الآخر تواصل السلطات المصرية معهم ليعودوا وأسرهم إلى مسقط رأسهم. يأتي ذلك في وقت اكتفت فيه السفارة المصرية بإرسال رسائل تحذيرية للابتعاد عن الأماكن التي تشهد هجمات قوات الاحتلال دون إبلاغهم بموعد إجلائهم بعد، ما يُذكّرهم بأزمة العالقين المصريين في غزة الذين لم يستطع بعضهم المرور إلى سيناء حتى اللحظة، رغم عام على الحرب.
نوصي للقراءة: العالقون وراء معبر رفح.. هل يبقى المصريون كرهائن في غزة لتمرير المفاوضات؟
إلغاء الرحلات الجوية
حسب شهادات عدد من المصريين الذين تواصلت معهم زاوية ثالثة، يعمل أغلب المصريين المقيمين في الجنوب اللبناني الذي يشهد قصف متواصل من قوات الاحتلال في أعمال حرفية؛ أبرزها الزراعة وصناعة المخبوزات.
يوسف نور (38 عامًا)، انتقل من مصر إلى لبنان قبل 19 عامًا، ويعمل في صناعة البيتزا التي اشتهر بها، يقيم هو وأصدقاؤه في منطقة الجبل بعيدًا عن الهجمات التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية. يقول: “تراجعت أعداد المصريين بفعل الأزمة الاقتصادية قبل الحرب – خاصة منذ انفجار مرفأ بيروت في عام 2020، الذي أثر على الكهرباء وجوانب من الحياة الاقتصادية في لبنان-، لكن استغل الملاك الحرب مؤخرًا وقاموا برفع الإيجارات ثلاثة أضعاف، رغم توافر الخدمات في المنطقة التي أقيم فيها، وقد أصبحنا في حالة تهديد بانقطاع تلك الخدمات إن طال أمد الحرب. تواصلنا مع السفير المصري في لبنان لطلب إجلاء الجالية المصرية وفي انتظار تواصلهم معنا”.
وأعلنت شركة الطيران الوطنية المصرية، مصر للطيران، إلغاء رحلتها رقم MS713 المتجهة من القاهرة إلى بيروت يوم الثلاثاء الماضي، التي كان مقررا إقلاعها فى تمام الخامسة صباحًا بسبب الأحداث التي تشهدها لبنان، وكذلك الرحلة رقم MS709 المقرر إقلاعها فى تمام الساعة 9:15 صباحًا لحين استقرار الأوضاع داخل البلاد، على أن تستأنف الرحلات بعد انتهاء الهجمات الإسرائيلية واستقرار الأوضاع.
من بين من ألغيت رحلاتهم، محمد إبراهيم (35 عامًا) مصري الجنسية، يعمل في إحدى شركات تصميم الأزياء، سافر إلى لبنان قبل 13 عامًا، ويقيم بمنطقة الجبل بعيدًا عن المناطق التي تشهد هجمات قوات الاحتلال الإسرائيلي. ولم يستطع النزوح من مكانه أو عمله منذ نشوب الهجمات.
يقول: “لا نعرف كيف سنعود إلى مصر في وقت أوقفت فيه شركتنا الوطنية رحلاتها إلى بيروت، رغم حجزي رحلة عودة إلى مصر أول أمس الأحد؛ إلا أننا فوجئنا بإلغائها، كما ألغيت رحلة صديقي التي كانت مقررة الثامنة مساء السبت الماضي. وحينما تواصلت مع السفارة المصرية للاستعلام، حصلوا على بياناتي وفي انتظار تعليماتهم بالاجلاء”. منتقدًا البطء في الإجراءات على حد قوله.
نوصي للقراءة: لماذا باعت مصر للطيران بـ300 مليون دولار ما اشترته بـ1 مليار؟
دفعت الأحداث الأربعيني حسام أحمد (اسم مستعار)، للنزوح بعد هدم المكان الذي كان يقطن فيه هو وأصدقائه بعد قصف مباني حى “عين الدلب”. يشرح: “منذ نزوحنا، ونحن إما مقيمون في الشارع أو في غرفة يقطنها خمسة أفراد لدى صديق. يأتي ذلك في الوقت الذي نفتقد للخدمات، علاوة على استغلال سماسرة الحرب الأوضاع وقيامهم برفع الإيجارات بصورة مبالغ فيها، إذ ارتفع إيجار الشقة من 300 إلى 1000 دولار وأحيانا تصل لـ 1500 دولار”.
يأتي ذلك في وقت يعجز حسام ورفاقه عن سداد القيمة الإيجارية المطلوبة بعد تركهم أعمالهم وإغلاق المحال بسبب القصف المتواصل. ينتقد حسام عدم تواصل السفارة المصرية معهم لإجلائهم أو إبلاغهم بموعد عودتهم إلى القاهرة، مشيرًا إلى أنه في تواصله الأخير معهم فوجئ برد أحد الموظفين الذي طالبه بالحجز مع الشركة اللبنانية، وأفادت الأخيرة بأن عليه الانتظار 25 يومًا حتى يأتي دوره.
نوصي للقراءة: من يحمل مفاتيح معبر رفح؟.. تجار الحروب ينشطون في استغلال العالقين في غزة
الظروف الاقتصادية تزيد الوضع تعقيدًا
ولدت آمال إمام (27 عامًا) لأب مصري وأم لبنانية تعيش بصحبة عائلتها منذ ولادتها في طرابلس بلبنان. تعيش الفتاة حالة من الرعب خشية أن تصل هجمات قوات الاحتلال الإسرائيلي لمحل إقامتها، ورغم خسارتها وظيفتها هي وشقيقتها بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية؛ إلا أنها ظلت في البلد التي تنتمي والدتها له.
تقول: “منذ اندلاع الحرب وأنا أعيش في حالة من الاكتئاب، أتابع الأخبار بصفة مستمرة حتى أصبت بـ تروما تجاه أي صوت خشية أن يكون انفجار أو هجوم على منطقتنا، ورغم حصولي على إقامة قانونية لكنني لا أملك المال الكافي للعودة إلى مصر. ظننت في بادئ الأمر أن الحرب ستظل محصورة على الحدود الجنوبية؛ لكن فوجئت بتطور الأوضاع سريعًا لتصل إلى انفجارات واغتيالات ونزوح، أشعر وكأنني أعيش كابوس، وصدمة أحداث احتلال لبنان في 2006 تتكرر مجدداً”.
تركت آمال لبنان ليس بالأمر اليسير؛ خاصة أنه البلد الذي احتضنها منذ ولادتها – حسب وصفها-، ولا يمكنها العودة بمفردها، إذ إن عليها تدبير نفقات عودتها وأسرتها المكونة من سبعة أفراد إلى مصر، وهو ما لم تستطيع توفيره حتى اللحظة.
تقول: “لدى أمل أن تضع السلطات المصرية خطة بديلة، تتضمن إجلاء المصريين وحمايتهم وإعادتهم إلى القاهرة. أنا واحدة من آلاف فقدوا أعمالهم ومصدر دخلهم، ولم نضع في خطتنا أن تصل الحرب إلينا”. تخشى آمال أن تسوء الأوضاع أكثر من ذلك في لبنان وتخسر أحد أفراد عائلتها أو نفسها.
يشعر المصريون بالقلق الشديد أيضًا، خاصة وأن كثير من أبناء الجالية المصرية في لبنان، يمتلكون جنسيات مختلطة بين المصرية واللبنانية والسورية؛ ما يجعلهم يشعرون بالقلق حيال موقف السلطة المصرية من إجلائهم، متسائلين: هل يعاملون – في حال قررت السلطة المصرية البدء في عمليات إجلاء- نفس معاملة المصريين من غير حاملي الجنسيات الأخرى؟. في حين قال بعضهم إن السفارة المصرية لن تتمكن حسب قولها من مساعدتهم طالما أوراقهم في حيازة الأمن العام اللبناني.
في حين أن معظم العالقين الذين تواصلنا معهم كانوا يعيشون بالفعل في لبنان قبيل الهجمات الأخيرة، إلا أن ضياء الشيخ – صاحب مطبعة من مصر- قد خرج في رحلة تنزه مدتها 11 يومًا. لم يعرف أن رحلته ستتحول كارثة ويظل محتجزًا بسبب ظروف الحرب، لا يعرف كيف سيعود مجددًا إلى وطنه ليباشر عمله وأسرته. يقول: “وصلت لبنان في يوم 23 سبتمبر. عقب وصولي فوجئت باندلاع الحرب وقصف متواصل على بيروت التي أقطنها ووقف تسيير رحلات طيران من وإلى لبنان. للأسف ليس هناك مجال أمامي للنزوح رغم حجز رحلة عودتي على شركة مصر للطيران؛ لكن لا أعلم موعد العودة؛ خاصة بعد إلغاء رحلتي المقررة إلى مصر في الرابع من أكتوبر المقبل”.
يكشف علي محمد جوزو – أمين سر رابطة الجالية المصرية في لبنان- في حديثه إلى زاوية ثالثة عدم توفر إحصائيات رسمية حول تعداد الجالية المصرية في لبنان؛ لدخول غالبيتهم إلى البلد خلسة بفيزا سياحة، لكن حسب تقديراته فإن العدد الحالي لا يتجاوز الـ 10 آلاف مصري/مصرية، خاصة بعد رحيل الكثيرين بسبب الأزمة الاقتصادية المستمرة قبل الحرب، ويشير إلى أن غالبية المصريين غير مسجلين لدى أي جهة، نظرًا لأن منهم من تزوج من لبنانيات/ لبنانيين، ويقتصر تواصلهم على الأمن العام اللبناني حال رغبوا في تجديد الإقامة.
يشير “جوزو” إلى قيام السفارة بإرسال رسائل للمصريين الراغبين في العودة إلى مصر لتسجيل أسمائهم لدى السفارة. فيما انتقل مصريون من مواقعهم غير الآمنة إلى أماكن أكثر أمنًا شمال بيروت.
وفق أمين الجالية المصرية في بيروت، فإن إطلاق رحلات خاصة بشركة مصر للطيران لابد وأن يتزامن مع ضمانات تحصل عليها مصر بعدم التعرض لطائراتها بعد إقلاعها، وتؤخذ تلك الأمور بعين الاعتبار من قبل السلطات المصرية قبل اتخاذ قرار بتسيير رحلات من وإلى لبنان. تمتلك مصر القدرة على تسيير الرحلات عندما تتوفر الظروف المناسبة وعقب إحصاء الراغبين في العودة، مشيرًا إلى استمرار رحلات شركة ميدل إيست اللبنانية اليومية، مطالبًا المصريين بالالتزام بتعليمات السفارة المصرية ومتابعة المنشورات الرسمية.
حاولت زاوية ثالثة التواصل مع السفارة المصرية في لبنان، للتعرف على خطتها لإجلاء المصريين في لبنان، والوقوف على تقديرات بشأن الضحايا أو المصابين من المصريين؛ لكن لم نتلقى أي رد حتى نشر هذا التقرير، هذا وصدر في 27 سبتمبر الماضي أمر من الأمن العام اللبناني يسمح للعرب والأجانب المتواجدين في لبنان بالخروج ، سواء كانت إقامته سارية أو منتهية أو لا يحمل إقامة دون فرض عقوبة قانونية عليه .
نوصي للقراءة: الحرب على غزة.. حكايات عن الجرحى والعالقين على معبر رفح
سياسيون مصريون بين الهروب والموت
بحسب سعيد محمود (اسم مستعار)، دفعت الحرب المصريين من قاطني الجنوب للنزوح دون متعلقاتهم إلى بيروت، دون أن يمتلكوا المسكن والمال حالهم كحال أهل الجنوب، حيث يعمل غالبية المصريين هناك، كاشفًا عن تكاتف أبناء الجالية المصرية بلبنان ممن يحملون إقامة سارية من أجل توفير مسكن وتدبير تكاليف المعيشة للنازحين الذين انتقل بعضهم إلى ضاحية “الدورة” التابعة لبلدية برج حمود، شمال شرق بيروت، باعتبارها إحدى مناطق تجمع المصريين ببيروت.
يقول: “نخشى جميعنا التصعيد الذي قد تشهده لبنان الفترة المقبلة. التوتر لم يقف عند القصفات المتتالية لقوات الاحتلال واغتيال المدنيين أو قادة حزب الله”.
يرفض سعيد العودة إلى مصر مجددًا. يضيف: “أنا معرض للاستهداف والتنكيل بي في مصر لآرائي السياسية، رغم تواجدي حاليًا في بلد تعاني من حرب، وتلك مأساة كبيرة، نعاني منها دون استثناء”. يأمل سعيد أن يجد طريقة للسفر خارج لبنان.
الأمر ذاته عاشته الصحفية والناشطة السياسية المصرية، عبير الصفتي (29 عامًا)، التي تركت مصر بسبب آرائها السياسية وتعرضها للاعتقال عدة مرات، ما دفعها للسفر إلى لبنان بصحبة زوجها وطفلها منذ أكتوبر 2023 لتعيش 11 شهرا هناك.
عانت عبير (التي ساهمت معنا في جمع بعض من الشهادات المنشورة في هذا التقرير) من الضائقة الاقتصادية هناك، غير أنها استطاعت الانتقال إلى فرنسا صحبة أسرتها قبيل شن الهجمات بأربعة أيام فقط. تقول: “اعتادت قوات الاحتلال الإسرائيلي استهداف الجنوب اللبناني بصفة مستمرة طوال فترة إقامتي في لبنان، عدا مرات قليلة استهدفت منطقة الضاحية؛ الأولى في يناير 2024 حينما اغتالت القيادي في حركة حماس صالح العاروري الذي كان يقطن شقة سكنية في الضاحية. الثانية في أبريل 2024 حينما استهدفت سفارة إيران في دمشق، حينها كنا نسمع أصوات اختراق جدار الصوت من الطيران الإسرائيلي، وعشنا يومًا هو الأكثر رعبًا حينها. وفي يوليو اغتالت قوات الاحتلال القيادي فؤاد شكر في هجوم أعنف من سابقه”. تعقدت الأمور وبات اختراق جدار الصوت في بيروت بشكل يومي وعنيف؛ ما أحدث أضرارًا بالغة بالمباني، بحسب عبير.
تضيف: “لا أنسى تلك الفترة القاسية التي عشتها، هجمات متواصلة ، ما كان يسبب حالة من الفزع لطفلي الذي لم يتخطى عمره العام ونصف. التهديدات بالتصعيد المتواصل بعد أحداث السابع من أكتوبر في غزة أدخلتنا في حالة من الرعب؛ خاصةً وأن تل أبيب باتت تستهدف لبنان بشكل يومي، لمناصرة حزب الله فصائل المقاومة في غزة”.
تكشف الناشطة السياسية المصرية عن نزوح القادرين ماديًا إلى مناطق أكثر أمنًا في الداخل اللبناني، أما البسطاء فلم يتمكنوا من ذلك.
رحلة سفر عبير من لبنان إلى فرنسا تعطلت عدة مرات، فبعد وصولها إلى لبنان في بداية أكتوبر 2023 حدث انتفاضة الأقصى في فلسطين؛ ما تسبب في غلق السفارات وتوقف الحياة، ما دفعها للبقاء في لبنان 11 شهرًا إلى أن قررت السفر بشكل نهائي لفرنسا قبل أربعة أيام فقط من اندلاع الحرب.
وصل محمد عامر طبيب مصري وناشط سياسي (33 عامًا) إلى لبنان في أكتوبر 2022، بعد تعرضه للاعتقال سابقًا على خلفية قضية سياسية. يتذكر: “بعد إطلاق سراحى من الحبس الاحتياطي، وملاحقتي، دفعني ذلك للهرب إلى لبنان بعد تعرضى لمضايقات أمنية فضلاً عن تلقى تهديدات. خرجت من مصر إلى السنغال ومنها إلى لبنان. أتواجد حاليًا في لبنان بشكل غير قانوني، إذ أنني سافرت إليها بفيزا سياحة في فبراير 2023، وقبلها كنت أخرج في رحلات عمل إلى السنغال إلى أن فصلت من عملي بسبب وضعي غير القانوني في لبنان”.
يضيف: “وضعي في غاية السوء حاليًا، رغم تقديمي على الإقامة في فبراير 2023، لكن فوجئت بالرفض، لأسباب سياسية على الرغم من تقديمي للدراسة في إحدى الجامعات اللبنانية، كما تلقيت اتصالات من المخابرات اللبنانية برفض إقامتي وصدور قرار بترحيلي؛ لذلك أنا في خطر حقيقي، لا أستطيع ممارسة مهنة الطب لعدم السماح للأطباء بالحصول على ترخيص مزاولة المهنة في لبنان ولا أستطيع العمل بمهنة أخرى”.
يشرح الطبيب المصري: “لن أتمكن من العودة لمصر بسبب مضايقات أتعرض لها عقب مشاركتي في فعاليات للدفاع عن حقوق الإنسان ومشاركتي في حملة المرشح الرئاسي أحمد الطنطاوي في لبنان. أخشى انتشار قوات الأمن في الشوارع مع تصاعد وتيرة الحرب؛ ما يزيد من احتمالية القبض علي وترحيلي في أي وقت؛ لذا بت لا أخرج من المنزل مطلقًا”.
يشير إلى إغلاق كافة المحلات وصعوبة توفير المستلزمات بعد اغتيال حسن نصر الله؛ ما فاقم الأوضاع عن سابقتها، وحسب وصفه، لم يعد قادرًا على توفير الخبز منذ ثلاثة أيام. ورغم الظروف القاسية، يحلم عامر بالاستقرار وممارسة مهنته كطبيب مجددًا، والعودة لنشاطه في الدفاع عن حقوق الإنسان.
نوصي للقراءة: منفى.. شعور بالهزيمة.. وحلم قائم
الأحزاب المصرية
من جهته، أصدر الحزب الليبرالي المصري بيانًا نشر عبر مجموعته على تطبيق “الواتس آب”، طالب فيه بحماية المصريين المقيمين بلبنان وسرعة إجلائهم في ظل التطورات الراهنة وتدهور الأوضاع الأمنية؛ ما يشكل خطرًا مباشرًا على سلامتهم، مطالبًا وزارة الخارجية المصرية باتخاذ خطوات عاجلة وحاسمة لإجلاء رعاياها في أسرع وقت ممكن.
يقول فادي صالح – رئيس لجنة العلاقات الدولية بالحزب- في حديثه معنا إن الأوضاع الحالية تستدعي تحركًا سريعًا وفعالًا لحماية أرواح الجالية المصرية، داعيًا الخارجية إلى وضع خطة إجلاء طارئة بالتنسيق مع السفارة المصرية في بيروت والجهات المعنية، لتأمين نقلهم إلى مصر.
وحسب فادي يؤكد الحزب في بيانه ضرورة إنشاء خط ساخن بشكل فوري، يكون متاحًا للرعايا وأسرهم للتواصل المستمر مع الجهات المسؤولة والاستفسار عن أي معلومات تتعلق بالإخلاء، ما يضمن توفير دعم نفسي ومعنوي للمواطنين في هذه الظروف العصيبة، مؤكدًا استعداد الحزب الكامل للتعاون مع الجهات المعنية، مشددًا على أهمية اتخاذ هذه الإجراءات بشكل فوري.
يكشف شادى العدل – رئيس الحزب الليبرالي المصري- في حديثه إلى زاوية ثالثة عن تواصلهم مع أفراد الجالية المصرية في لبنان والمقدر تعدادهم حسب قوله نحو 30 ألف مصري/ مصرية، سواء دخلوا بشكل رسمي أم لا، ويضيف: “وعدت السفارة المصرية المصريين بالاجلاء قريبًا قبيل اشتعال الأحداث، وهم يعيشون في أسوأ الظروف”. مطالبًا بخفض ثمن تذكرة الطيران من لبنان إلى مصر، ليتمكن المصريون فيما بعد من العودة، خاصة وأن تكلفتها قد ارتفعت بشكل مبالغ فيه لتزايد الحجوزات لتتخطى الـ 1500 دولار، أو جعلها مجانية لغير القادرين على السداد.
يطالب رئيس الحزب الليبرالي المصري، الخارجية المصرية، بإرسال رسائل لطمأنة المصريين المتواجدين هناك بشكل غير قانوني بعدم إخضاعهم للمساءلة القانونية حال عودتهم، في ظل الظروف الاستثنائية الحالية، مع التصعيد الإسرائيلي المستمر.
من جهته، أصدر حزب التحالف الشعبي الإشتراكي، بيانًا، أعرب عن تضامنه مع المقاومة ومع الشعب اللبناني في مصابهم بعد اغتيال أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، مطالبًا بطرد البعثة والبعثات الدبلوماسية الإسرائيلية من مصر ومن كافة عواصم دول التطبيع.
وأعلن الحزب في بيان مشاركته لمشاعر الملايين بالفقد العظيم، يقول في بيانه: “لقد جرى لنا ما جرى ونحن جلوس مقيدين على مقاعد المتفرجين. نطالب ببسط السيادة المصرية والفلسطينية كاملة على معبر رفح ومحور صلاح الدين، مع معاملة الإدارة الأمريكية باعتبارها شريكًا في العدوان على فلسطين ولبنان وعلى شعبنا”.
وأردف البيان: “المقاومة حياة مهما تتطلب إرادة وحكمة في اختيار أشكال الصراع، تبعًا للظروف المتغيرة والمجالات النوعية للصراع، وما تتطلبه سلامة المقاتلين من تدابير وإجراءات. سنواصل طريقنا مهما أصاب الحكام العرب من صمت كصمت القبور”. ولم يتطرق الحزب في بيانه إلى أوضاع الجالية المصرية في لبنان، أو يطالب بإجلائهم.
في حين، تكشف فاطمة فؤاد – أمينة العمال بحزب المحافظين- عن دور الحزب إذ يقوم بالتواصل مع الاتحادات الدولية كالاتحاد الدولي للخدمات العامة والاتحاد العربي للنقابات، ومساعدة المتضررين عن طريق الاتحادات الدولية والنقابات العمالية. لكنها لم تطرق في حديثها معنا إلى كيفية مساعدة الحزب للمصريين العالقين في لبنان خلال الأحداث الجارية.
في السياق نفسه، يقول سيد الطوخي – القائم بأعمال رئيس حزب الكرامة- في حديثه معنا إنه على السفارة المصرية و الخارجية التنسيق مع أعضاء الجالية المصرية في لبنان، وتوفير أماكن آمنة لهم، لحين تحديد موعد إجلائهم.
وفي ظل تجاهل الأحزاب والسلطات المصرية لأزمة المصريين العالقين في لبنان، يظل هؤلاء بين شقي الرحي، في حرب تذكرهم بما حدث في قطاع غزة منذ عام، دون أن يجدوا من السلطات المصرية اهتمام بإجلائهم الفوري، في ظل عمليات إجلاء مماثلة أعلنت عنها سفارات بعض الدول لرعاياها.