ملف أعده: منار بحيري، رشا عمار، سحر عزازي، شيماء اليوسف ومي علي
ظُهر السادس من أكتوبر من العام 1973، وبالتحديد الساعة الواحدة و55 دقيقة مساءً، بدأت الضربة الجوية الأولى بقوة 220 طائرة، أصابت أهدافها بدقة وصلت نسبتها إلى 95%. تلاها التمهيد النيراني بقوة نحو 2000 قطعة مدفعية ومئات من قطع الرمي المباشر لمدة 53 دقيقة اعتبارًا من الساعة الثانية وخمس دقائق. ليصنف حينئذٍ بأنه التمهيد النيراني الأضخم في تاريخ الحروب الحديثة.
في السابع من أكتوبر من العام الماضي 2023، هاجمت فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة، بعض من المستوطنات الإسرائيلية، لتبدأ حرب مازالت مشتعلة حتى الآن. ربطها البعض بانتصارات أكتوبر حينئذٍ؛ إلا أن تل أبيب مارست خلالها عمليات إبادة جماعية لمواطني غزة، إضافة إلى تدمير أغلب مناطقها وتهجير سكانها. وحسب إعلان وزارة الصحة الفلسطينية، الأحد، فقد ارتفع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع إلى نحو 41 ألف و870 شهيد، إضافة إلى 97 ألف و166 مصاب.
يربط البعض بين تهجير أهالي سيناء ومشروعات التنمية التي أعلن عنها النظام، بعد حرب خاضها مع الإرهاب لسنوات، وبين دماء المصريين التي سالت على أرض سيناء. متسائلين حول ما آلت إليه الأمور بعد 51 عامًا من الحرب، وهل أصبحت سيناء ملكًا للمصريين بالفعل؟.
في هذا الملف، تطرح زاوية ثالثة عددًا من الزوايا في ذكرى الحرب، ما بين تنمية سيناء وخطاب التضليل الإعلامي وميزانية مصر ما بين الحربين.
مشهد أول.. حكايات من الملحمة
سطر الجنود المصريون بدمائهم قصصًا بطولية. إذ دفعوا أثمانًا باهظة في سبيل استرداد الحق المسلوب. يروي المجند عبد الحميد القداح في حديثه مع زاوية ثالثة شهادته. يقول: “في عام 1972، كانت بداية رحلتي إذ التحقت بالجيش المصري في سن الـ19. تملكتني مشاعر الفخر والخوف في آن واحد، إذ كانت السنوات التي تلت النكسة 1967 قد تركت أثرًا عميقًا في نفوس جيلنا. استدعيت في إبريل 1972، وُزعت إلى مركز تدريب صيانة الدبابات. مرت الأيام واستقبلتنا نبأ عبور قواتنا، كنا نرغب بشغف في المشاركة. حينها، ظهر عميد مركز التدريب، عادل الفرجاني، الذي ألقى علينا خطابًا وذكر لنا أن هذه اللحظة هي بداية عبورنا نحو النصر، وأن لكل واحد منا دوره في دعم القوات على الجبهة.”
يضيف: “وُزعنا على ورش صيانة الدبابات، وفي العباسية بالقاهرة، قضيت فترة دون إجازة. شهدت خلالها الدبابات الإسرائيلية التي تم الاستيلاء عليها، وكانت علامة على انتصاراتنا.”
تحدث عادل زقزوق، البالغ من العمر 72 عامًا، عن تجربته البطولية خلال الحرب، مشيرًا إلى الجهود المكثفة التي بذلتها القوات المسلحة استعدادًا لتلك اللحظة التاريخية. يقول: “كنا على أهُبة الاستعداد، خضنا تدريبات صارمة لاستعادة كرامتنا بعد النكسة، وكان لدينا تصميم قوي على الانتصار”.
كان عادل زقزوق قائد مجموعة استطلاع في سلاح المظلات، وقد عاصر الأحداث في النكسة وحرب الاستنزاف قبل أن يتلقى أوامر بدء القتال في أكتوبر، يروي لنا كيف شعر الجميع بشغف كبير عند رؤية الطائرات تنطلق نحو سيناء، ما كان يعني أن ساعة الصفر قد حانت.
“في قوات المظلات دُربنا على سرعة الاستجابة، وتواجُدنا في المطارات كان جزءًا من استراتيجيتنا. الحرب كانت ثأرًا لنا، وقد استطاع الجنود المصريون الانتقام”. يستمر في وصف روح التضامن بين الجنود، حيث لم يترك أحد زميله المصاب، “كتبنا وصايانا، ولم يكن هناك مكان للضعف، ولم نترك أي جريح في المعركة.”
عادل يذكُر بفخر معركة الدفرسوار، حين أظهر المقاتلون المصريون شجاعة غير مسبوقة، متجاوزين أسلحة العدو المتفوقة، “خضنا المعركة كـ معركة وجودية.”
لم تتوقف الذكريات عند أبطال الجيش المصري الذين شاركوا بالحرب، لكنها تخطت إلى أسرهم التي شاركتهم دومًا جانبًا منها. تكشف الصحفية سماح عثمان – نجلة المجند عثمان محمود-، عن تجربته الفريدة التي عاشها، إذ كان مجندًا وقت حدوث النكسة، وواصل مع الجيش في حروب الاستنزاف، وصولًا لجيش النصر في أكتوبر. تذكرت روايات والدها لها حول الروح المعنوية المرتفعة للجنود رغم عدم معرفة موعد الحرب بشكل مسبق.
ووفق سماح التي توفي والدها قبل خمسة أشهر من الآن، فإنه عمِل في سلاح المدفعية، وكان يحمل القذائف ويطلقها لدعم زملائه في المعركة. تصف كيف كان الجنود يتبادلون المواقع عند استشهاد أي منهم، والتنظيم الدقيق للقوات الجوية التي شملت وحدات للدفاع والهجوم، إضافة إلى مظلات تحمي القوات البرية والبحرية.
تتذكر ابنة بطل حرب أكتوبر موقفًا محفورًا في ذاكرتها أثناء تواجده في العريش، حين كان يستخدم مهارته لإخفاء سلاحه عندما كانت طائرات العدو تحلق فوقه. بعد سنوات من الخدمة، اختار العمل في وزارة التموين كخيار اقتصادي بعد انتهاء فترة تجنيده، ليحقق استقرارًا لعائلته.
ولم تكن تلك الحكايات الوحيدة التي رصدناها في زاوية ثالثة، إذ أن هناك قصص أخرى لم ترو بعد لمواطنين عايشوا النكسّة والحرب، وقدموا تضحيات تمثلت في أرواحهم وأملاكهم، لتحقيق النصر؛ إلا أن تضحياتهم مازالت مستمرة بعد أن انتهت الحرب واضطروا إلى مواجهة التهجير القسري مرة أخرى.
مشهد ثانٍ.. التهجير
“سيد المُهاجر، ذلك اللقب الذي ناله أبي بالمنطقة التي انتقلنا إليها في نهاية عام 1967، على إثر الأحداث التى وقعت بمحافظة السويس التي كنا نسكنها قبل حرب أكتوبر”. كانت تلك كلمات محمد سيد، صاحب العقود الستة في حديثه إلى زاوية ثالثة. متذكرًا حكايا من النكسة والحرب وتفاصيل هجرتهم.
يقول: “حينها لم أكن قد أكملت عشرة أعوام بعد؛ لكن تلك الأحداث مازالت عالقة في ذاكرتي.”
شهدت مدينة السويس آخر معارك حرب أكتوبر 1973 بين الجيش المصري وجيش الاحتلال الإسرائيلي، وبالتحديد في يومي 24 و25 أكتوبر، قبيل سريان وقف إطلاق النار، إذ أقدمت تل أبيب في ظل خسائرها على الأرض أمام القوات المصرية في سيناء، على اقتحام مدينة السويس معتقدة أنها ستكون ضعيفة في دفاعاتها.
يصف محمد حين استيقظ على أصوات الطائرات والقذائف بكل مكان، مسرعًا نحو أمه. يسترسل: “أخذتني أمي وإخوتي الثلاثة، ونزلنا مسرعين نحو الطابق الأرضي لنحتمي من القذائف. بعدها وصل أبي مهرولًا نحونا، لاسيما أن العديد من المنازل المجاورة قد تهدمت على إثر القصف”. ووفق شهادته تداولت الأنباء حول هجوم إسرائيلي على المدينة بأسرها، لذا قررت السلطة تهجير جميع السكان الذين خرجوا مرغمين، متعلقين بأمتعة بسيطة على أمل العودة القريبة.
بينت دراسة “سُكان مُدن القناة.. بين الاستقرار والتهجير” أن عملية تهجير سكان مُـدن القنـاة في أعقاب عدوان يونيو 1967 سبقتها أخرى مماثلة في أعقاب العدوان الثلاثي عام 1956، والعودة أول إبريل من العام التالي. وجمعت الضرورة الأمنية والعسكرية بينهما. وقد أعطى مواطنو مدن القناة (أطلق عليها حينئذٍ مدن خط النار) المثل الحي للصمود، ووقوفهم كـ جبهة داخلية خلف قواتهم العسكرية في الظروف التي أعقبت العدوان، بالرغم من استهداف العدو منازلهم ومنشآتهم بقذائفه وسقوط شهداء، إضافة إلى ذلك تحمَّل مواطنو القناة أعباء ثقيلة تتعلق بحياة التهجير التي حملت جوانب سلبية، تجسدت في المشكلات التي واجهت المُهجّرين.
يصف محمد المشهد الثاني بصعوبة؛ فكل السكان نازحون دون وجهَة. يقول: “تاليًا، وجدنا السيارات التي أرسلتها قوات الجيش لنقل السكان لمحافظات مختلفة؛ البعض من أقاربنا اعتمد على معارفه وعلاقاته بالمحافظات المجاورة وانتقلوا إليها، أما نحن فقرر أبي التوجه نحو الجيزة علّه يجد ما يناسبه من العمل، وفور وصولنا أقمنا بإحدى المدارس المخصصة للمهجرين. كنا نجهل معالم المنطقة وأين يمكن أن نجد السكن لأسرتنا المكونة من ستة أفراد. وبعد مرور عدة أسابيع لم نجد الأمل قريب في العودة إلى منطقتنا، لاسيما مع توالي الأخبار التي تفيد بمحاصرة المدينة بشكل كامل، لذلك قرر والدي البحث عن سكن حتى نتمكن من الاستقرار بشكل أكثر أمانًا.”
يستطرد في وصف الحزن الذي تمكن من أبيه وكافة المهجّرين، مبينًا أن حالة والده الصحية أخذت في التدهور مع حنينه الدائم لمنزله، مضيفًا أن صعوبة التواصل مع باقى العائلة كان له الأثر السلبي الأكبر في نفس والده الذي كان بدأ في مزاولة نشاطه مرة أخرى في تجارة الخضار والفاكهة، ليتمكن من توفير نفقات الأسرة.
يصف محمد المشهد الأخير الذي بدأ مع بيان القوات المسلحة المُلقي عبر الإذاعة المصرية، ببدء الهجوم على قوات الاحتلال الإسرائيلي، وإصابة العدو إصابات مباشرة. يقول: “أتذكر رغم السنوات، ذلك الصوت ومدى تأثيره على نفس والدي الذي كان وصل مؤخرًا للمنزل لتناول الغداء، وارتفع صوت صياحه بالتكبيرات فور سماعه البيان، ورغم من استعادة الأرض؛ إلا أننا لم نتمكن من استعادة حياتنا القديمة أو العودة إلي منازلنا مع استقرار والدي في عمله، والتحاقي وإخوتي بالدراسة؛ لكن ظلت تلك الذكريات عالقة بأذهاننا جميعًا حتى وفاة سيد المُهاجر.”
تهجير جديد بزعم المنفعة العامة
عانى ذوي المهجرين من مدن القناة إبان الحرب من تهجير جديد، إذ قررت السلطة التوسع في استخدام قانون المنفعة العامة، لتبدأ في حملات موسعة لإزالة مناطق بأكملها تحت ذريعة التطوير. يقول قاسم نبيل (اسم مستعار) وهو أحد قاطني منطقة مدينة نصر (صدر قرار إزالة بشأن الحيين السادس والسابع بمدينة نصر منذ عامين، وهما من أبرز الأحياء التي نشأت لاستيعاب المهجرين من مدن القناة) إنهم لازالوا يرفضون قرارات الإزالة رغم كل البدائل المطروحة، لاسيما أن الحيين المستهدفين لم يشكلوا عشوائيات؛ بل مبانٍ تم تأسيسها عن طريق السلطة في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. مبينًا أنهم يتلقون تحذيرات أمنية مشددة من قبل قوات الشرطة بمنع التحدث مع أي من الوسائل الإعلامية أو التعبير عبر وسائل التواصل الإجتماعي، حتى لا يعتبر ذلك إنتهاكًا للقرارات الحكومية والتحريض عليها.
يشير إلى أنه قام بتقديم الكثير من الطلبات بمشاركة السكان، لإعادة النظر في هذا القرار لكن دون جدوى، بالرغم من إبداء استعدادهم التام لإعادة ترميم المباني السكنية التي تحتاج إلى الصيانة على نفقتهم الشخصية؛ لكن ذلك العرض لم يكن سببًا كافيًا لإرجاء الحكومة عن قرار الإزالة، وفقًا لقول قاسم.
وفي سبتمبر من عام 2020، أصدر الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي قرارًا جمهوريًا بالتصديق على تعديلات القانون الخاص بنزع الملكية للمنفعة العامة، واشتملت التعديلات على أن يكون التعويض بما يوازي الأسعار السائدة ويضاف إليه 20%، وأن يتم تشكيل لجنة بكل محافظة بقرار من وزير الري لتتولى تحديد قيمة التعويضات. وبناء على القرار السابق قررت الحكومة المصرية فى عام 2022 هدم بنايات الحيين السادس والسابع بمدينة نصر، التي مضى على بنائها أكثر من 60 سنة ولم يتم صيانتها طوال تلك الفترة، ومن المفترض أن السلطة تتولى عملية التطوير وإعادة التخطيط. وبلغ إجمالي عدد الأسر المستهدفة من عمليات الإزالة تلك نحو ثلاثة آلاف أسرة.
وفقًا لتحقيق مدفوع بالبيانات نشرته زاوية ثالثة، فإنه في عام 2021، كان متوسط إيجار الشقق الخالية دون أثاث التي تتراوح مساحتها بين 100 و200 متر مربع في مصر يبلغ نحو ألفين و 487 جنيه. ومنذ ذلك الحين، شهدت الإيجارات ارتفاعًا مستمرًا حتى وصلت في العام الجاري 2024 إلى نحو 12 ألف و268 جنيه. وشهدت الإيجارات في مصر ارتفاعًا ملحوظًا في عام 2022. ففي القاهرة، سجلت الإيجارات زيادة بنسبة 400٪، تلتها محافظة الجيزة بزيادة نسبتها 145٪ مقارنة بالعام السابق، أما في الإسكندرية والشرقية، فقد بلغت نسبة الزيادة حوالي 55٪.
نوصي للقراءة: تحليل: هل السودانيون حقًا سبب أزمة العقارات في مصر؟
من جانبه، يوضح المحامي مالك عدلي – مدير المركز المصري للدراسات الاقتصادية والاجتماعية- أن التهجير في مصر ممارسة قديمة حدثت في مختلفة العهود والأنظمة السياسية؛ فبعد ثورة يوليو عام 1952 بدأ التهجير من جنوب مصر بالعديد من المناطق منها النوبة وأسوان، لإقامة خزان أسوان وما تلاها من مشروعات كالسد العالي، وتلك بداية التهجير الذي كان يتم بدافع المصلحة العامة لصالح المشروعات القومية التي تخدم الشعب؛ ما صبغ عليها قبولًا وقتئذٍ.
ويشير إلى اتساع سلطة المنفعة العامة من خلال قوانين تم إصدارها من قبل النظام السياسي عقب حكم الإخوان، إذ أصبح توسعة الطرق وإنشاء الكباري وتطوير بعض المناطق يندرج تحت المنفعة العامة، وهو ما لم يحدث من قبل.
يبين “عدلي” في حديثه معنا أن التهجير يحمل المواطنين أعباء اقتصادية ومادية كبيرة، لا سيما في المناطق التي ثبت أحقية أصحابها في ملكيتها. مضيفًا أن ويلات التهجير التي عاشتها مدن القناة في خضم ظروف الحرب فرضت على المواطنين ترك كل شيء خلفهم والانتقال إلى مناطق أكثر أمنًا، ما دفع الرئيس عبد الناصر لتأسيس مدينة نصر التي مثلت واحدة من المناطق الأكثر جذبًا للمهجرين. مستطردًا أن هذه المنطقة تشهد تهجير آخر منذ أن أصدرت الحكومة قرارها بإصدار إزالة الحيين السادس والسابع، بدافع تطوير المنطقة.
يوصي بضرورة وضع الضوابط اللازمة لتطبيق نصوص قانون المنفعة العامة، حتى لا يتخطى ذلك الأُطر العامة للقانون، ووفقًا لعدلي فإن هذا ما يحدث حاليًا في العديد من المناطق السكانية المختلفة، إذ أصبح تهجير المواطنين لاستغلال القيمة الاستثمارية للأرض اتجاه عام للسلطة تحت ذريعة المصلحة العامة.
ومع استمرار مسلسل تهجير المواطنين في العديد من المحافظات المختلفة، تتضاعف الآلام النفسية والاقتصادية على المواطنين، لاسيما مع تطوير المظلة القانونية التي تساعد على تطبيق تهجير المواطنين من أملاكهم. خاصة أبناء سيناء الذين هجروا تحت ذريعة الحرب على الإرهاب، ولم يعود بعضهم حتى اللحظة أو يتلقى تعويضات عادلة، رغم الإعلان عن بدء تنمية سيناء.
نوصي للقراءة:
- التطوير مقابل الإزالة: كيف ضّحت الحكومة بمواطنيها من أجل الطرق؟
- مئات المُهجرين من حدود سيناء يطالبون بـ”حق العودة” إلى قراهم
مشهد ثالث.. أحلام تنمية سيناء
في 25 إبريل عام 1982، بالتزامن مع الإعلان الرسمي عن تحرير سيناء كاملة، كانت الطموحات متصاعدة فيما يتعلق بمشروعات التنمية والتعمير، بدءًا من مشروع تنمية سيناء عام 1994 الذي تعثّر. وفي عام 2000 أعلنت الحكومة عن هدف جديد بتوطين ثلاثة ملايين مصري في سيناء؛ لكن فشل المشروع أيضًا، ثم أصدرت الحكومة في عام 2012 مشروع الجهاز الوطني لتنمية سيناء ولم يحقق أي أهداف تذكر. أخيرًا أعلنت الحكومة في 2014 عن المشروع القومي لتنمية سيناء، بهدف جعلها منطقة جاذبة لـ “المستثمرين” والسكان وربطها بالدلتا والمحافظات، ومازال جاريًا.
بالتزامن مع حرب غزة التي بدأت في 7 أكتوبر عام 2023، عادت تنمية سيناء للواجهة من جديد، بعد حديث مسؤولين إسرائيليين علنًا عن مخططات لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وقد أعلنت الحكومة المصرية، ردًا على تلك التصريحات، عن مشروع جديد لتوطين ثمانية ملايين مصري في سيناء بحلول عام 2050، وقالت إنه تم تنفيذ مشروعات تُقدر بنحو 600 مليار جنيه ضمن مشروع التنمية المُعلن في 2014، فيما يستهدف إنفاق نحو 363 مليار جنيه خلال السنوات الخمس المقبلة.
بالرغم من ذلك تواجه مشروعات التنمية في سيناء عددًا من العراقيل، أبرزها – وفق دراسات- يتعلق بالظروف الأمنية ومكافحة الإرهاب، ونقص التمويل، فضلًا عن نقص عدد السكان خاصة مع اضطرار أهالي عدد من قرى سيناء لترك منازلهم خلال السنوات الماضية بسبب المواجهات الأمنية مع التنظيمات الإرهابية، ويشتكي مواطنون أيضًا من قرارات مصادرة أراضيهم بعد استصلاحها، وتواجه التنمية الصناعية مشكلات نقص المواد الخام؛ لارتفاع أسعارها أو زيادة تكلفتها نتيجة النقل، ما ينطبق على وقود المصانع، وصعوبة المواصلات سواء لعدم توافرها أو لارتفاع رسوم الطرق.
نوصي للقراءة: سيناء: التغريب أو الاعتقال
ما الذي تحقق؟
في نوفمبر 2023، أعلن مجلس الوزراء عن تنفيذ 6363 مشروعًا في مختلف المجالات في سيناء ومدن القناة خلال الفترة من 2014 إلى 2022، أبرزها وفق تقارير رسمية، شبكات الطرق والكباري. من بين أبرزها مشروع “نفق الشهيد أحمد حمدي 2” الذي تم افتتاحه ليصبح جزءًا من شبكة متكاملة من الأنفاق تربط سيناء بمنطقة الدلتا عبر قناة السويس. وعملت الحكومة على تطوير العديد من الموانئ في شرق وغرب سيناء مثل ميناء العريش وميناء الطور، ما أتاح الفرصة لاستقبال السفن التجارية وتسهيل عمليات الاستيراد والتصدير. كذلك أعلنت السلطة عن مشروع “المليون ونصف فدان” الذي يهدف إلى زراعة أراضٍ جديدة بالحبوب والمحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والشعير. أيضًا- تم إنشاء عدد من المناطق الصناعية في سيناء، مثل المنطقة الصناعية في بئر العبد وشرق العريش، التي تهدف إلى جذب المستثمرين المحليين والدوليين.
تعليقًا، تقول النائبة عايدة السواركة – عضو مجلس النواب عن محافظة شمال سيناء، وعضو لجنة الدفاع والأمن القومي-، إن سيناء في مرحلة العبور التنموي، منذ عام 1973 نجحت القوات المصرية في تحرير أراضي سيناء، والآن يولي الرئيس اهتمامًا غير مسبوق لسيناء، بدأت خطط التنمية الحقيقية منذ عام 2014 بانطلاق المشروع القومي لتنمية سيناء.
وتضيف في حديثها معنا: “منذ 40 عام لم تشهد سيناء حركة تنمية مماثلة؛ خاصة فيما يتعلق بتهيئة البنية التحتية ممثلة في الطرق والكباري التي تربط سيناء بالدلتا والعاصمة، وتحسين الخدمات المقدمة للأهالي من محطات تحلية مياه ومحطات توليد الكهرباء، كذلك تطوير ميناء العريش والمطار وغيرها من المشروعات التي تمهد لخطة تنموية كبيرة.”
وحول مطالب أهالي سيناء، تقول عايدة السواركة إنهم يرغبون بتوفير بعض الخدمات الخاصة بتطوير المنظومة الزراعية، لأنهم يحبون الزراعة، مثلًا توفير بعض الأدوات الحديثة وتقديم تسهيلات حكومية تتعلق بمنظومة دعم الكهرباء، وخفض أسعارها، مشيرة إلى أن بعض المناطق تضررت فيها شبكة الكهرباء بشكل جزئي نتيجة سنوات الحرب على الإرهاب، وفي حاجة لإعادة توصيل التيار الكهربائي المنقطع منذ سنوات، كما يحتاج المزارعون من أهالي سيناء تخفيف عبء الكهرباء عنهم لمدة خمس سنوات، حتى يتمكنوا من استعادة تخضير مزارعهم المتضررة.
وعن خطط الحكومة لتوطين ثمانية ملايين مصري خلال الفترة المقبلة، تقول عايدة إن بوابة مصر الشرقية تمثل أحد أهم النقاط بالنسبة للأمن القومي المصري، ولابد من العمل على تطويرها بشكل مستمر وتوفير كامل الخدمات والبنية التحتية اللازمة بها لتوطين السكان، على أمل أن يتم تعمير سيناء بملايين المصريين في القريب العاجل، مشيرة إلى أن مشروعات سيناء إذا تم تنفيذها ستوفر ملايين فرص عمل للشباب، وستصبح مناطق جاذبة، فضلًا عن ذلك تمتاز سيناء بمناخها المعتدل وطبيعتها التي تجعلها مقصد لجميع المصريين، ويسهم في ذلك إكمال البنية التحتية بالمحافظة وتوفير الخدمات للمواطنين، وتقديم تسهيلات للزراعة.
يقول الباحث الاقتصادي والقيادي بحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، إلهامي الميرغني في حديثه مع زاوية ثالثة، إن طموحات كبيرة تعلقت بإعادة تعمير سيناء ونقل قطاعات من سكان الوادي والدلتا إليها، وتوطين مشروعات صناعية وزراعية ونشر السكان بما يحولها إلى منطقة اقتصادية جاذبة وإضافة للاقتصاد القومي؛ لكن اتفاقيات السلام مع العدو الصهيوني عطلت كل مخططات التوطين والتعمير في سيناء وشكلت حجر عثرة أمام تنمية سيناء، ثم جاء نشر العناصر الإرهابية والعمليات التي تمت ضد القوات المسلحة والشرطة، وإخلال بعض المناطق، ونزوح عدد من سكان سيناء بحيث تضافرت كل هذه العوامل معًا لإعاقة التنمية.
بحسب الميرغني، تعد قيود معاهدة السلام ووجود الإرهاب أكبر المعوقات التي يعاني ويتضرر منها سكان سيناء الأصليين، وفي هذا السياق يؤكد أهمية السماح بعودة أهالي سيناء إلى أراضيهم، وضرورة إيجاد آليات للمشاركة الشعبية بين السكان والجهات الحكومية، من أجل تحديد أولويات التنمية في سيناء والدور الذي يجب أن تقوم به الدولة والدور الذي يقوم به القطاع الخاص والمستثمرين وفق خطة شاملة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
تنمية دون إعمار؟
يجمع مراقبون على أن التنمية لا يمكن أن تحدث دون مشاركة مجتمعية وتوطين حقيقي على الأرض. يصف عضو المجلس الرئاسي لحزب المحافظين، القيادي بالحركة المدنية، طلعت خليل، خطط التنمية في سيناء بأنها “بطيئة وغير جاذبة للسكان”. يقول إن “سيناء تمتاز بمساحتها الواسعة، لكنها لم تُعمر بالشكل المأمول، ولم تتوفر فيها العناصر التي تجذب السكان، كما أن هناك نقصًا في المشروعات التنموية التي يمكن أن تسهم في جذب الناس إلى المنطقة.”
ويضيف في حديثه معنا: “رغم من أن هناك بعض المشروعات السياحية الهامة في جنوب سيناء؛ إلا أنها لم تكن كافية لتوفير فرص عمل كثيفة. من المفترض أن يتم تطوير سيناء من خلال إقامة مشروعات زراعية، وتوصيل المياه إلى الشمال، لكن هذا المشروع تعطل كثيرًا، ربما بسبب موجات الإرهاب التي شهدتها المنطقة، ومن الضروري أن تُقام مشروعات تتطلب عددًا كبيرًا من العمال، إلا أن المشروعات الزراعية والصناعية والتعدينية غابت عن المشهد”، مشيرًا إلى أن سيناء تحتوي على إمكانيات تعدين كبيرة، لم يتم استغلالها بشكل كافٍ.
وتمثل مسألة نزوح المواطنين من مناطق شمال سيناء ملف شائك للغاية، إذ يؤكد مراقبون أن التعمير لن يتم دون توطين حقيقي للسكان، وفي تقرير حديث لها تقدر منظمة سيناء لحقوق الإنسان عدد النازحين من أهالي المحافظة نتيجة العمليات الأمنية ضد الإرهاب بنحو 100 ألف من السكان “أي ما يناهز ربع سكان شمال سيناء، من بين ذلك كل سكان مدينة رفح.”
وينوه طلعت في حديثه معنا إلى أهمية تعمير سيناء بالسكان كجزء من مقتضيات الأمن القومي المصري، قائلًا: “سيناء تعاني من قلة السكان بشكل يؤثر سلبًا على الأمن القومي، إذ أن جميع الغزوات التي واجهتها مصر عبر التاريخ جاءت من الاتجاه الشرقي، من حدود سيناء؛ لذا من الضروري أن تصبح سيناء قاطرة اقتصادية، وتكون محصنة بالأعداد الكبيرة من السكان لحماية الأمن القومي.”
ويضيف: “غابت هذه المشروعات عن رؤية الحكومة، رغم من أنها تتحدث في كل برنامج عن تنمية سيناء وتعميرها، لكن هذه الجهود غائبة منذ 51 عامًا، منذ حرب أكتوبر، ورغم احتفالنا بهذه الذكرى، إلا أن المشروعات لم تكن حقيقية بما يكفي لجذب السكان من الوادي إلى سيناء، سواء في الشمال أو الجنوب لذلك تحتاج إلى مراجعة وإعادة تقييم.”
وحول خطط التوطين يقول: “الحكومة تحدثت كثيرًا عن توطين مليوني مواطن في العاصمة الإدارية الجديدة، لكن لم يتحقق، لقد كانت هناك دائمًا وعود بالتنمية، لكن على أرض الواقع لم يحدث شيء، نأمل أن نرى ثلاثة أو أربعة ملايين مصري في سيناء، لكن أين المشروعات الحقيقية التي ستؤدي إلى التنمية الشاملة؟”
نوصي للقراءة: عزلة سيناء في مواجهة الغلاء: انعكاسات الأزمة الاقتصادية على واقع المواطنين
استثمار أجنبي في سيناء؟
في مايو 2024، وافق مجلس النواب بصفة نهائية على تعديل قانون الأراضي الصحراوية رقم 143 لسنة 1981 بهدف السماح للمستثمرين الأجانب بامتلاك الأراضي الصحراوية دون قيود، بحجة زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية وتعمير الأراضي الصحراوية، واستبدل مشروع القانون نصي الفقرتين الثانيتين من المادتين 11 و12 من قانون الأراضي الصحراوية بـ “أنه في غير أحوال حصول المستثمر على الأراضي اللازمة لمزاولة نشاطه يجب ألا تقل ملكية المصريين عن 51% من رأس مال الشركة، وألا تزيد ملكية الفرد على 20% من رأسمالها، مع عدم جواز أيلولة أراضي الجمعيات التعاونية والشركات عند انقضائها إلى غير المصريين.”
أثار القرار ضجة واسعة بين المواطنين من سكان شمال سيناء الذين نزحوا – خلال ما قالت الحكومة المصرية إنها حرب على الإرهاب- في مناطق واسعة من المحافظة الحدودية، ولم يتمكنوا من العودة إلى أراضيهم مرة أخرى.
في المناطق غير المحظورة، يُسمح للمصريين فقط بتملك المنشآت دون الأراضي المبنية عليها، أو تخصيص العقارات بنظام حق الانتفاع لمدة 50 عامًا، كما يمكن لرئيس الجمهورية إصدار قرارات تمنح عقارات في سيناء لـ حاملي جنسيات دول عربية معاملة مماثلة للمصريين، حتى مدينتي شرم الشيخ ودهب وقطاع خليج العقبة السياحي، اللتين استثناهما السيسي من القانون في مارس 2022، تقتصر ملكية الأراضي والعقارات المبنية فيهما على المصريين والأشخاص الاعتبارية المصرية، مع إمكانية التصرف فيها للآخرين (مصريين وأجانب) بنظام حق الانتفاع لمدة تصل إلى 75 عامًا بعد الحصول على موافقات وزارتي الدفاع والداخلية وجهاز المخابرات.
وفقًا لقانون تنمية شبه جزيرة سيناء، يجب أن يتخذ أي مشروع استثماري يشارك فيه غير المصريين شكل شركة مساهمة مصرية، بحيث لا تقل نسبة مشاركة المصريين عن 55%. وينطبق نفس الشرط على قرار شرم الشيخ ودهب، لكن لم يُحدد حد أدنى لـنسبة مشاركة المصريين في الأسهم.
وفي تصريحات لافتة أثنى وزير الاستثمار الإماراتي محمد السويدي، في نوفمبر الماضي، على انطلاق الخطة الجديدة لتعمير شمال سيناء، وهي خطة تنمويّة اقتصادية عمرانية تمتدّ على مدار الخمس سنوات القادمة، وخٌصّصت لها الحكومة المصرية ما يعادل 11.6 مليار دولار، وذلك بعد اللقاء الذي جمعه برئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي عقب تفقده لمعبر رفح البرّي، كما أكد السويدي أيضا على أن توجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان تحرص على أهميّة التعاون مع مصر وزيادة الاستثمارات الاقتصادية فيها.
وفتحت زيارة علي الشمري، مسؤول الأصول الدولية في “شركة طاقة الإماراتية”، وظهوره رفقة عصام نجل إبراهيم العرجاني، رئيس اتحاد القبائل العربية ورجل الأعمال، تساؤلات حول الاستثمار الإماراتي في سيناء تحديدًا، وفي السياق أشار الخبير الاقتصادي رشاد عبده إلى أن زيارة علي الشمري وغيرها من الزيارات التي يقوم بها المستثمرون الإماراتيون إلى شمال سيناء لا تعكس بالضرورة رغبة في الاستثمار، نظرًا لوجود قانون يحظر ذلك، وفي تصريح له دعا عبده الحكومة إلى المصارحة بشأن طبيعة هذه الزيارات، متسائلًا عن إمكانية وجود استثمار فعلي، وما إذا كانت هناك تعديلات على القانون تسمح بذلك. كما تساءل عن مدى تعامل الحكومة مع الإمارات كما هو الحال مع المستثمرين الأجانب الآخرين، أو ما إذا كان هناك استثناء خاص لها.
ويؤكد إلهامي المرغني أن سيناء ذات أهمية خاصة للأمن القومي المصري؛ لذلك لا يحبذ أن تكون هناك استثمارات أجنبية علي بعد أمتار من عدو يتربص بها، ولكن مهم أن تبدأ الدولة في المشروعات الزراعية والصناعية وتوفير البنية الأساسية القادرة علي جذب المستثمر الوطني وانطلاق قطار التنمية لكل ربوع سيناء. فيما يرى طلعت خليل أن الاستثمار الأجنبي لا يمثل أزمة في المطلق. ويقول: “نحن لسنا ضد الاستثمار الأجنبي، لكن التحفظ يكمن في مسألة تمليك الأراضي، يجب أن يتم الاستثمار دون المساس بالسيادة المصرية، نريد استثمارات تساهم في التنمية دون أن يفقد المصريون سيادتهم على أراضيهم، لذا، عندما تتحقق الاستثمارات الأجنبية بشكل يحافظ على السيادة، فهذا أمر مرحب به.”
وما بين الإعلام المصري الذي تسيطر المتحدة على أغلب منصاته، معلنة إنجازات تحدث في سيناء في ظل النظام الحالي، وتعزز الرواية الرسمية النافية لتحقيق آمال الاحتلال الإسرائيلي في العودة إلى سيناء، تحقيقًا لنبوءة من النيل للفرات، بدءًا بتنفيذ خطة تهجير الغزيين إليها. يظل التضليل الإعلامي الصهيوني منبع خطر دائم بين الماضي والحاضر، فكيف يستخدمون الإعلام كأداة لتحقيق مخططاتهم؟
مشهد رابع.. نحو نصف قرن من التضليل
قبل أكثر من سبعة عقود ما قبل عام 1948، بات الشعار الأساسي للخطاب الإعلامي الصهيوني، طمس الحقائق والتضليل في المعلومات. تعد هذه نظرية قديمة استخدمها “جوبلز” وزير الدعاية والإعلام السياسي للزعيم الألماني النازي أدولف هتلر، خلال الحرب العالمية الثانية، وتقوم على المبالغة والتضليل وطمس الحقيقة بهدف رفع معنويات الجبهة الداخلية وإرسال رسائل للعدو بأن مسار الحرب يسير في صالح الجيش الألماني من أجل إحباط عزيمة العدو وروحه المعنوية.
تقول منى السيد بدري – مدرس بقسم الإذاعة والتليفزيون كلية الإعلام جامعة القاهرة-، في حديثها مع زاوية ثالثة: “رغم تقدم التقنية الإعلامية وعصر الفضاء المعلوماتي فإن الكيان الصهيوني اعتمد على عدد من الأسس منها: الرقابة العسكرية على المعلومات، والتلاعب في الأرقام والتضليل الإعلامي، إضافة إلى التأكيد على السردية الصهيونية؛ حتى تترسخ في ذهن المتلقي الغربي والأمريكي تحديدًا بهدف كسب التعاطف والتأييد.”
وتؤكد، أن التضليل الإعلامي أقوى أسلحة الحرب، مضيفة: “لا تقاس تسمية الحرب بمقاييس الحرب العسكرية؛ بل تسبقها في ميدان الصراع السياسي، وأحيانًا تكسب الحرب قبل اشتعالها، وتمتاز بنشر وبث المعلومات والأفكار المغلوطة عن عمد وعن سابق تصور وتصميم؛ لخلق واقع مزيف ومغلوط يوجه إليه الرأي العام لكسب تأييده.”
ويلفت ياسر عبدالعزيز – الكاتب الصحفي-، إلى أن تل أبيب لها تاريخ طويل مع الاستخدامات الإعلامية خلال نزاعاتها وحروبها المستمرة منذ إنشائها، وخلال هذا التاريخ استطاعت السيطرة على المجال الإعلامي بدرجة ملحوظة عن طريق أدوات الرقابة والتعتيم، مضيفًا في حديثه معنا: “استطاعت أيضًا أن تحصل على مساندة كبيرة من وسائل إعلام غربية، عُرفت تاريخيًا بمساندتها لها منذ حرب أكتوبر حتى اللحظة.”
هذا ما تؤكده منى بدري، موضحة أنه على مدى سبعة عقود، نجحت النظرية الصهيونية في إقناع الشعوب الغربية بأن كيان الاحتلال الإسرائيلي ضحية وأن العرب يتربصون بهم، كما تم استخدام المحرقة خلال الحكم النازي في ألمانيا من خلال تزوير الأرقام والتهويل والمبالغة، وقد تم كشف ذلك التضليل في عدد من الدراسات الثقافية والتاريخية: “لعل من سوء حظ تل أبيب أن التقنية والهاتف الذكي مكنت شعوب العالم من المعرفة بشكل دقيق، من خلال الكلمة والصورة وصحافة المواطن.”
لعل أبرز دليل على التضليل الإعلامي للاحتلال ما حدث بعد نكسة عام 1967، إذ صورت وسائل الإعلام أن جيش الاحتلال الإسرائيلي لا يقهر وأنه من أقوى الجيوش في المنطقة، وأي حرب محسومة لصالحه، معتمدين في ذلك على حالة الإحباط التي شعر بها المصريون بعد النكسة، وكانت هذه الحرب النفسية أشد خطرًا من الحرب التي كانت تدور على الجبهة بالأسلحة. كل ذلك لم يكن له أي أساس من الصحة، وهو ما أكدته صحيفة “ديلي ميل” في 12 أكتوبر 1973 حين نشرت: “لقد اتضح أن القوات الإسرائيلية ليست مكونة من رجال لا يقهرون كما كانوا يحسبون، إن الثقة الإسرائيلية قد تبخرت في حرب أكتوبر، وذلك يتضح من التصريحات التي أدلى بها المسؤولون بما فيهم موشي ديان نفسه”. وفق الوثائق المنشورة على الموقع الرسمي لوزارة الدفاع المصرية.
هذا ما يتفق مع الوثائق التي نشرتها وزارة الدفاع المصرية عبر موقعها الرسمي، توضح أن الاحتلال الإسرائيلي قبل عام النكسة كانت يطلق دعواته عن تفوقه على العرب وتصور العربي كإنسان ضعيف القدرة على العمل الجاد والتخطيط السليم؛ لاقتحام خط حصين مثل قلاع بارليف. وصرح “ديان” في 12 يونيو 1967 مخاطبًا الصحفيين: “منذ أسبوع مضى من كان يحلم بأمن كهذا أو بحدود كهذه؟”، ثم مرت ست سنوات لتقوية تلك الحدود وتدعيم هذا الأمن إلى الدرجة التي وصفها “ديان” بأنها أصبحت الصخرة التي سوف تتحطم عليها عظام المصريين، بينما قال دافيد اليعازر -رئيس الأركان الإسرائيلي السابق- عن خط بارليف، إنه سيكون مقبرة للجيش المصري.
وعاد “ديان” في 25 ديسمبر 1973 يقول “إن حرب أكتوبر كانت بمثابة زلزال تعرضت له تل أبيب، وأن ما حدث في هذه الحرب قد أزال الغبار عن العيون وأظهر لنا مالم نكن نراه قبلها، وأدى كل ذلك إلى تغيير عقلية القادة الإسرائيليين. إن أشد أيامنا العصيبة لم تمر بنا بعد وعلينا أن نظل صامدين”.
ويتضح أن أقوال وتصريحات المسؤولين قبل الحرب كانت تمثل الغرور الإسرائيلي الذي كان يعتقد أن العرب لن يبدأوا حربًا ضد قواتهم التي لا تقهر.
وتوضح منى بدري، أن الإعلام آنذاك لعب دورًا هامًا من خلال إذاعة اعترافات القادة الإسرائيليين أنفسهم عن الهزيمة التي لحقت بهم والخسائر التي أصابت قواتهم، وكذلك تم النقل عن الصحف الأجنبية، التي اعترفت بسقوط أسطورة جيش الاحتلال، خاصةً نشر اعترافات بعض الأسرى الإسرائيليين عن المفاجأة وعدم توقعهم للضربة التي وجهتها القاهرة لتل أبيب.
وتشير إلى أن الحرب العدوانية الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني واللبناني المستمرة، تعد نموذجًا حيًا لتحليل الخطاب الإعلامي الصهيوني الذي سقط أخلاقيًا ومهنيًا؛ حتى على صعيد ثقة مواطني الاحتلال أنفسهم، ومنهم من تحدث بأنهم يثقون في بيانات ومعلومات وسائل الإعلام الأخرى أكثر من معلومات وبيانات المتحدث باسم جيش الاحتلال، لافتة إلى أن طلاب الولايات المتحدة الأمريكية خرجوا بأعداد كبيرة للتنديد بمجازر الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني.
مضيفة: “من هنا، فإن نظرية التضليل الإعلامي الصهيوني سقطت بشكل كامل. وهناك نماذج عديدة تدل على التضليل منها قضايا الأسرى والإدعاء بأنه تم تحريرهم وهي معلومات اتضح لاحقًا أنها مضللة وغير صحيحة، كذلك بيانات أعداد القتلى والجرحى فهي متضاربة بين أرقام الرقيب العسكري ووزارة الصحة الإسرائيلية وحتى الجهات المستقلة ووسائل الإعلام.”
ويقول ياسر عبدالعزيز، إن تل أبيب مازالت تحاول إعادة صياغة سردية هذه الحرب، لكن بسبب وجود أدلة كثيرة تدحض السرديات الإسرائيلية، “نستطع أن نقول إنها أخفقت في تحقيقه إلى حد واضح؛ لكن سياستها هي إبقاء المجال الإعلامي تحت السيطرة الكاملة لتلميع صورتها وإبراز ما تقوله للعالم عن تفوقها النظامي.”
حرب الدعايا
تعود المدرس بقسم الإذاعة والتليفزيون، منى بدري، للحديث، قائلة: “لقد اتضح للعالم أن استراتيجية تل أبيب في غزة تقتصر على نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين وتبرير جرائم الحرب بذريعة الدفاع عن النفس، فهي تتعمد إغراق بيئة المعلومات بطوفان غير مسبوق من المعلومات الرسمية المضللة، كما تهدف إلى عزل غزة باستهداف البنية التحتية للاتصالات وتدميرها عمدًا، إذ أدى انقطاع الاتصالات إلى التعتيم أكثر عما يجري في غزة، وصعّب على الفلسطينيين إطلاع العالم الخارجي على الأدلة الشاهدة على جرائم الحرب الإسرائيلية، ونتيجة لذلك تواجه الجهود الرامية إلى التصدي للتضليل الإعلامي الإسرائيلي معوقات شديدة، بينما تعيث الدعاية الإسرائيلية فسادًا.”
وبالتالي، تواصل تل أبيب سيطرتها شبه الكاملة على بيئة المعلومات بفضل الشبكة العالمية من الصحفيين ومحللي الاستخبارات عن قصد أو غير قصد، كـ ناقلين للرواية المعادية للفلسطينيين دون التحقق منها أو تمحيصها وفقًا لـ منى، لافتة إلى أن هذه الظاهرة تُبرز سابقةً خطيرة تتمثل في أن الانتشار السريع للمعلومات المضللة يمكن أن يُشكل التصورات الدولية فور تلقيها وقبل أن يتم التحقق منها أو قبل أن تترسخ الروايات المضادة: “تمثل حالة غزة نموذجًا مصغرًا لتحدٍ عالمي أوسع ألا وهو كيفية التعامل مع المعلومات الرسمية المضللة ومواجهتها في عالم شديد الترابط والتواصل.”
تؤكد أن القضية الفلسطينية قد حققت مكاسب عديدة؛ في مقدمتها زيادة الوعي وكشف زيف السردية الصهيونية والتعاطف الإنساني معها؛ بل والاعتراف بعضوية فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية أصوات كبيرة، كما أن الرأي العام العالمي كشف مدى التضليل الإعلامي للدعاية الصهيونية؛ خاصةً في الغرب والولايات المتحدة الأمريكية والتي ينفق عليها ملايين الدولارات، ومع ذلك سقطت تلك السردية ونقل الإعلام الحر الإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني.
وفي ظل الحرب المستمرة منذ عام على قطاع غزة، والتي امتدت إلى لبنان المجاورة مطلع الشهر الجاري، تأثرت القاهرة اقتصاديًا، ليذكرنا ذلك بظروف حرب أكتوبر ويطرح تساؤلًا حول كيف تأثّر المواطن المصري اقتصاديًا ما بين الحربين؟.
نوصي للقراءة: الحرب على غزة.. حكايات عن الجرحى والعالقين على معبر رفح
مشهد أخير.. بين حرب أكتوبر وغزة
اتجهت مصر إلى ترشيد الإنفاق على القطاع الاستهلاكي، وتحول الاقتصاد المصري إلى اقتصاد حرب. وصل حينها إجمالي الناتج المحلي الموجه للإنفاق العسكري إلى خُمس الثروة القومية؛ ما تسبب في حدوث عجز في الموازنة العامة للدولة وتضاعف الدين الخارجي، وبالرغم من مرور 51 عامًا على حدوث الحرب؛ إلا أن مصر تواجه خللاً في الموازنة العامة وتراكُم الديون.
بحسب مذكرات الفريق سعد الدين الشاذلي – رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق-، فقد بلغ عدد الضباط والجنود في أكتوبر 1973، نحو مليون و200 ألف جندي، ووزعت الميزانية المخصصة للقوات المسلحة بنسبة 13% مخصصة للتسليح، والرواتب والأجور والإيواء 68%، 9% صيانة أسلحة، وبلغت نسبة المعدات والتحصينات من الميزانية 6% إضافة إلى 4% أصناف متنوعة. وقد أنفقت مصر 4125 مليون جنيه، على قواتها المسلحة بداية من حرب الاستنزاف وحتى 1972، ووصل الإنفاق مع خسائر غلق قناة السويس وفقدان آبار البترول في سيناء إلى 6000 مليون جنيه، وقد خصصت القاهرة من إجمالي دخلها 50% للإنفاق العسكري.
كان المصريون متعطشون للنصر؛ ما جعل المواطن ملتزم تجاه الدولة، حسبما يذكر رشاد عبده – الخبير الاقتصادي، ورئيس المنتدى المصري للدراسات السياسية والإستراتيجية-، مؤكدًا أن التزام المواطن وصل إلى عدم تسجيل أي حالة سرقة أو قتل أو اغتصاب طوال عام الحرب. يضيف: “لم يحتج الشعب على الأوضاع الاقتصادية الصعبة حينها.”
تسبب الإنفاق العسكري حينئذٍ في زيادة العجز في الميزان التجاري وتزايد الاحتياجات من النقد الأجنبي؛ إلا أن المنح المقدمة من الدول العربية ساهمت بنصيب كبير في تخفيف وطأة هذه الأوضاع، إذ زادت قيمتها البالغة 261 مليون دولار سنويًا في الفترة من 1967 – 1972، إلى 730 مليون دولار، وبلغت 1.3 مليار دولار عام 1973، وحتى عام 1975، بلغ حجم المعونات 1.1 مليار دولار، حسبما يشير كتاب “الاقتصاد المصري بين المطرقة والسندان.. أزمتا الدين العام والعجز في الموازنة العامة.”
عجز الموازنة العامة للدولة بعد الحرب
يعتبر الاتجاه إلى العمل بسياسات الانفتاح الاقتصادى أحد الأسباب التي أدت إلى حدوث عجز في الموازنة العامة للدولة، خاصة بعد سن حزمة من القوانين والتشريعات، التي أطلق عليها “قوانين الانفتاح” ووضع قانون الاستثمار رقم 43، لعام 1973، على رأس القوانين التي أسهمت في التحول عن نظام التخطيط المركزي والاستعانة برأس المال العربي والأجنبي في التنمية، ويشير كتاب “الأزمة المالية العالمية.. تأثيرها على الدول النامية وسياسات مواجهتها مع دراسة لتداعيات الأزمة على الاقتصاد المصري”، لمؤلفه خالد حسن العشماوي، إلى اعتماد نظام الاستيراد بدون تحويل عملة كأحد أشكال الانفتاح الاقتصادي عقب الحرب، ما أثر بشكل سلبي على القطاعات الإنتاجية فيما نمت القطاعات الخدمية ونمت بنسبة 9.8% سنويًا.
وبعد عشرة أعوام من الانفتاح الاقتصادي أصبحت مصر تستورد 25% من غذائها، وارتفع الدين الخارجي من ثلاثة إلى 24 بليون دولار. وبحسب ما جاء في كتاب الصراع الطبقي في أفريقيا، ارتفعت موجة الإضرابات عن العمل والمظاهرات طول عقد السبعينات، وفي عام 1975، احتجت نخبة كبيرة من العمال المصريين، تلاه إضراب عام على نطاق أوسع حدث في قطاع النقل بالقاهرة عام 1976، اعتراضًا على سوء الأوضاع الاقتصادية. حاولت الحكومة حينها تهدئة الموقف بوعود تقليل عجز الموازنة الذي بلغ 1.3 بليون جنيه مصري؛ لكن صدر قرار حكومي عام 1975، برفع الدعم عن السلع الغذائية بقيمة مالية بلغت 228 مليون جنيه، وسرعان ما احتج الشارع المصري، ونتج عن هذا القرار أعمال شغب بالإسكندرية والسويس والمنصورة والقاهرة.
انتقالًا إلى الوضع الحالي، يشرح خالد الشافعي – الخبير الاقتصادي، ورئيس مركز العاصمة للدراسات-، الأسباب التي رفعت فواتير الحياة الاقتصادية في مصر، إذ تأثرت بصراعات دول الجوار منذ اندلاع حرب غزة، وساهمت في ذلك تهديدات جماعة الحوثي لحكومة الاحتلال من جهة، وتهديدات حزب الله وإيران من جهة أخرى. أوجدت هذه المناوشات عوامل أثرت بنصيب كبير على ارتفاع السلع والغلاء المعيشي في مصر، إضافة إلى ارتفاع ديون مصر الخارجية، لافتًا إلى تحول رحلات السفن التجارية لطريق رأس الرجاء الصالح.
تراجعت إيرادات قناة السويس، خلال يناير الفائت بنسبة 46% بسبب هجمات الحوثيين، وحسب تصريحات متلفزة للرئيس السيسي فإن مصر خسرت أكثر من ستة مليارات دولار من إيرادات قناة السويس خلال الأشهر الثمانية الأخيرة.
يشير الشافعي، إلى عدم وجود رقابة مشددة على الأسواق، لضبط المخالفين وتحقيق التوازن في عرض السلع وتوفيرها، ويضيف في حديثه معنا: “تجار الأزمات يعطشون السوق من بعض السلع الاستراتيجية مثل. الأرز والسكر والدقيق، ويقومون بسحبها من الأسواق حتى يزيد الطلب عليها ومن ثم يرتفع سعرها.”
نوصي للقراءة: لماذا لا تغرق مصر في ديونها؟
عجز الموازنة العامة
يشير مفهوم عجز الموازنة العامة للدولة، إلى عدم قدرة الإيرادات العامة على تغطية النفقات العامة، ويعتبر عنصر من عناصر الاختلال الهيكلية، ويذكر محمود حامد، في كتابه قضايا اقتصادية معاصرة، عدة أسباب ينتج عنها حدوث عجز في الموازنة؛ منها، الاتجاه نحو التوسع المالي في ظل وجود ركود اقتصادي، وكذلك انخفاض الناتج القومي الإجمالي بسبب الاتجاهات التضخمية وانخفاض الإنتاج الحكومي، إضافة إلى التوسع غير المدروس في إقامة العديد من مشروعات البنية الأساسية؛ ما يحمل الموازنة العامة للدولة بدفع المليارات سنويًا. إلى جانب ارتفاع معدلات البطالة، وبروز ظاهرة التضخم الركودي في الاقتصاد المصري، وتزايد حجم التحضر على حساب الترّيُف، إضافة إلى ارتفاع حالات الاعتداء على المال العام بالسرقة والرشوة وغيرها.
بدأت تتفاقم ديون مصر الخارجية مع شروع مصر في تأسيس العاصمة الإدارية الجديدة 2015، إضافة إلى جملة من الإنفاق على شراء أسلحة وتطوير البنية التحتية، ولجأت مصر لصندوق النقد الدولي للحصول على قروض، فوقعت حزمة من القروض ب 8 مليار دولار، استلت مصر من قيمة القرض المتفق عليه 820 مليون دولار وبقدوم عام 2026، سوف تحصل مصر على دفعات نصف سنوية، فيما يبلغ إجمالي الديون الخارجية على مصر نحو 168 مليار دولار.
تقول هبة البشبيشي – أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة-، إلى زاوية ثالثة إنه لا يمكن مقارنة الظروف التي يعيش فيها المواطن اليوم، وظروف الحياة أثناء وبعد حرب أكتوبر، لكنها تشير إلى ضرورة تأجيل المشروعات طويلة الأجل التي تستهدف بناء مدن ترفيهية جديدة، ويكون التوجه العام لتأسيس البنية التحتية والمشاريع التنموية.
ترى هبة أن الحكومة تنفق أموال طائلة على مشروعات لا تعطي عائد مباشر، وتضيف: “الحكومة تتبع نموذج الهند، في تأسيس مناطق ومدن مناسبة للأغنياء في ظل موارد اقتصادية فقيرة، ووجود شريحة كبيرة تحت خط الفقر والحل هو تأجيل هذه المشروعات.”
وفي ذكرى انتصارات أكتوبر، يعاني المواطن المصري من الغلاء المعيشي، وتدني الأجور مع استمرار ارتفاع الأسعار، ويقابل أزمة واضحة في توافر الأدوية. مع ارتفاع أسعار المواصلات و تذاكر مترو الأنفاق، وإن كان المواطن المصري عايش أوضاع اقتصادية مريرة في ظل حرب أكتوبر 1973، فإنه بعد انتهاء الحرب احتج وتجمهر في الشوارع مطالبًا بتحسين وضعه الاقتصادي والمعيشي، فهل يمكن أن تتجه الحكومة المصرية لتنفيذ مشروعات اقتصادية من شأنها تحسين جودة الحياة الاقتصادية للمواطنين؟.
نوصي للقراءة: تصفية الأصول: هل تبيع مصر أملاكها لسداد الديون؟