تصوير حيدر قنديل
تصميم: آية صابر
تحرير فيديو: خالد عبد الله
فريدي البياضي، نائب في مجلس النواب المصري عن حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، شارك في مناقشة عدد من القضايا التشريعية والرقابية، وقدم عدة طلبات إحاطة تناولت موضوعات مختلفة، من بينها تغيير نظام الثانوية العامة، وحوادث القطارات، وسياسات الحكومة الاقتصادية.
في هذا الحوار، يناقش البياضي دور البرلمان في الرقابة على الحكومة، ومدى تأثير غياب المعارضة على العمل التشريعي، بالإضافة إلى رؤيته بشأن الأوضاع الاقتصادية، وحقوق الإنسان، ومستقبل الحياة السياسية في مصر، وغيرها من القضايا.
نوصي للقراءة:
حمدين صباحي: الوضع الاقتصادي اليوم نتيجة انكسار ثورة يناير
أحمد الطنطاوي: مصر تحتاج بديل للسلطة والمعارضة (حوار)
هشام قاسم: طالبت الرئيس بعدم الترشح.. سجنوني (حوار)
البرلمان والمعارضة
في البداية، نود التحدث عن طلبات الإحاطة التي تقدمت بها في العديد من الموضوعات المثيرة للجدل. هل كان هناك أي استجابة أو رد بخصوص تلك الطلبات؟
من المهم توضيح أن ليس كل طلبات الإحاطة تتم مناقشتها. فبعض الطلبات تم مناقشتها بالفعل، بينما لم تحظَ الأخرى بالمناقشة أو الاستجابة. ومع ذلك، وجدت هذه الطلبات صدىً واسعًا في الإعلام والرأي العام.
وفقًا للإجراءات المتبعة، يتم تقديم طلبات الإحاطة إلى البرلمان، حيث يتم مناقشتها من قبل المجلس بالتنسيق مع اللجنة المختصة، ويقوم المسؤولون بدراسة هذه الطلبات أو الرد عليها. فهناك طلبات تمت مناقشتها بالفعل، وبعضها نجحنا في الحصول على استجابة لها. على سبيل المثال، تقدمت بطلب إحاطة بشأن الكوبري الذي كان يتم إنشاؤه في منطقة مصر الجديدة، وهي منطقة حضرية وثقافية. هذا الكوبري كان يعتبر تشويهًا للمنطقة، وبالفعل تم تقديم طلب إيقاف إنشائه. وتمت الاستجابة للطلب ووقف إنشاء الكوبري.
في المقابل، هناك طلبات أخرى لم تُناقش ولم يتم الاستجابة لها. لكن في النهاية، هذا هو دورنا الذي سنقوم به حتى آخر يوم لنا في البرلمان، لأنه أمانة موكلة إلينا من الشعب، بغض النظر عن مدى الاستجابة.
تُوجّه العديد من الانتقادات للبرلمان فيما يخص دوره الرقابي على الحكومة. فما تعليقك على ذلك؟
دور البرلمان في الأساس هو دور رقابي وتشريعي، ولكن هل يقوم البرلمان بدوره بشكل كافٍ؟ للأسف، الإجابة هي لا. فعندما نصل إلى اتخاذ إجراءات أو محاسبة أحد الوزراء، أو رفض قانون مقترح من الحكومة، نجد أن الأغلبية تميل إلى التصويت لصالح الحكومة وهذا بسبب أن الأغلبية المسيطرة على البرلمان من أحزاب الموالاة. رغم وجود بعض أعضاء المعارضة الذين يعبرون عن آرائهم بقوة داخل البرلمان، الأغلبية دائمًا ما تنحاز إلى رأي الحكومة، حتى وإن لم يكن هذا الرأي هو الأفضل لصالح المواطن والوطن.
للأسف، الأغلبية دائمًا تنحاز لرأي الحكومة، وهذه إشكالية، ومن الضروري أن يكون هناك استماع حقيقي للرأي الآخر، لأن الرأي المخالف للحكومة ليس بالضرورة ضارًا لها أو للوطن. بل في كثير من الأحيان، تكون هناك آراء ومقترحات من المعارضة تصب في مصلحة الحكومة والصالح العام. ومع ذلك، تتجاهل الحكومة تلك الآراء لتكتشف لاحقًا أن الاستماع إليها كان سيؤدي إلى نتائج أفضل. والمطلوب هو تحليل ودراسة الآراء المخالفة قبل رفضها، لأن ذلك يعزز من اتخاذ قرارات تصب في مصلحة الجميع، الحكومة والوطن على حد سواء.
تحدثت عن أن بعض طلبات الإحاطة لا يتم النظر فيها أو مناقشتها، فما السبب؟
هذا الأمر تحكمه سياسات البرلمان، والتي تقرر الطلبات التي يتم النظر فيها أو التي سيتم تجاهلها. يعتمد ذلك على رؤية البرلمان لأهمية طلبات الإحاطة المقدمة، وهناك عدة عوامل خارجة عن إرادة مقدمي طلبات الإحاطة تحدد هذا الأمر. فالبرلمان هو من يحكم على الطلبات التي ستتم مناقشتها أوتجاهلها.
ما رأيك في أداء المعارضة داخل البرلمان؟
أزمة المعارضة داخل البرلمان تكمن في قلة عددها، وهناك بعض الأعضاء الذين يُحسبون على المعارضة، لكنهم في الواقع لا يمارسون دورهم في المعارضة. من يعارضون فعليًا داخل البرلمان عددهم قليل، ورغم أن أصواتهم أحيانًا تكون عالية، إلا أن تأثيرهم للأسف غير واضح، لأن الأغلبية في النهاية تنتصر. هذه إشكالية ترتبط بتركيبة البرلمان المسيطر عليه أحزاب الموالاة، ولو كان عدد أعضاء المعارضة أكبر لكان تأثيرهم أكبر لصالح المواطن والوطن، وليس لصالح المعارضة فقط. فكلما زاد التنوع في الآراء المختلفة، كان لذلك أثر إيجابي على متخذ القرار، وأدى إلى تصويت على القرارات الأكثر فائدة.
هل يعني ذلك أنك ترى أن التحالف الانتخابي بين المعارضة وأحزاب الموالاة في انتخابات 2020 كان إيجابيًا ويجب أن يتكرر لأنه يعزز من وجود المعارضة داخل البرلمان؟
هذا القرار ليس وقته الآن، فهناك الكثير من المعطيات الغائبة. فعندما قررنا في عام 2020، الدخول في الانتخابات البرلمانية ضمن تحالف انتخابي مع أحزاب الموالاة، رأينا أن هذه كانت الطريقة الوحيدة لدخول البرلمان. كان لدينا العديد من المرشحين على القوائم الفردية، لكن للأسف لم ينجحوا رغم استحقاقهم لذلك. بعضهم قام بالطعن قضائيًا في نتائج الانتخابات، لكن حتى الآن لم تُفصل هذه القضايا. لذلك، اعتبرنا أن هذه الطريقة كانت الوسيلة الوحيدة للدخول إلى البرلمان والتعامل مع القضايا.
في حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، نحاول دائمًا أن نكون إيجابيين ونشارك في المشهد السياسي طالما كانت هناك فرصة لذلك. وضعنا شروطًا واضحة عندما دخلنا في هذا التحالف بأنه تحالف انتخابي فقط وليس سياسيًا. لم نتنازل عن مبادئنا في معارضة سياسات الحكومة داخل البرلمان، وتعاملنا وفقًا لرؤيتنا. ومن خلال تجربتنا، رأى المتابعون كيف عبر الحزب ونوابه عن مواقفهم بوضوح، وفي بعض الأحيان كنا الحزب الوحيد الذي يعارض سياسات الحكومة بقوة.
أما بالنسبة للانتخابات القادمة، لم نقرر بعد موقفنا النهائي. ننتظر المزيد من المعطيات التي ستساعدنا في اتخاذ القرار. في الانتخابات السابقة، كان هناك جدل داخلي في الحزب حول الدخول في التحالف مع أحزاب الموالاة، وكانت هناك أصوات داخل الحزب تعارض ذلك، لكن الأغلبية داخل الحزب وافقت على التحالف. لذا، الحديث عن الانتخابات القادمة دون وضوح كامل للرؤية ليس وقته الآن.
هناك آراء ترى أن التحالف مع أحزاب الموالاة بفقد المعارضة أهم شروطها وهو الاستقلالية. فما رأيك؟
أحترم هذا الرأي المختلف وأقدّر وجاهته. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: كيف يمكن لهذا التحالف أن يفقد المعارضة استقلاليتها؟ هذا التحالف لم يفرض أي شروط سياسية، ولم يكن تحالفًا سياسيًا بحتًا. لم تمارس أي ضغوط على نواب الحزب لتبني سياسات أو مواقف معينة. نواب الحزب لم يتم تقييدهم بأي قيود، ولم توضع لهم خطوط حمراء.
لقد تحدثنا واتخذنا مواقفنا بناءً على مبادئنا ورؤيتنا السياسية. وهذا يعني أننا حظينا باستقلالية كاملة وتحركنا بحرية، باستثناء القيود المفروضة على الجميع في المشهد السياسي، مثل قيود حرية الحياة السياسية، الإعلام، وحرية التعبير. ولكن تحالفنا مع أحزاب الموالاة لم يضع أي قيود علينا كحزب أو على نوابنا داخل البرلمان.
هناك اتهامات وُجهت إلى البرلمان بأنه أصدر تشريعات أثقلت كاهل المواطن وكانت غير منصفة، ورغم الاعتراضات على معظمها تم الإصرار على تمريرها، مثلما حدث في قانون الإجراءات الجنائية. فلماذا؟ وما تعليقك؟
هذا السؤال من الأفضل أن يُوجه إلى الأغلبية المسيطرة على البرلمان والحكومة. على سبيل المثال، في قانون الإجراءات الجنائية، رفضنا القانون من حيث المبدأ، وتلقى البرلمان العديد من الملاحظات والاعتراضات على هذا القانون، ورغم تأييد الأغلبية للقانون، حاولنا الاشتباك مع التعديلات وقدمنا الكثير منها، لكنها جميعًا قوبلت بالرفض. وهذا يعني أن هناك إصرارًا من الحكومة والأغلبية على عدم قبول التعديلات أو الآراء المخالفة من الأحزاب المختلفة.
فقد تم تمرير القانون كما يريدون، دون سماع أي تعديلات أو آراء معارضة. لذلك، السؤال يجب أن يُوجه إلى الحكومة والأغلبية: لماذا لا تستمعون إلى الآراء المخالفة والتعديلات التي يقترحها نواب الشعب الذين يمثلون قطاعات مختلفة؟ نحن ندافع عن مصالح المحامين، الصحفيين، العدالة، وغيرهم من الفئات المختلفة. ليس لدينا مصلحة شخصية، ونرى أن من مصلحة العدالة والمواطن أن يكون القانون منصفًا.
قُدمت وجهات نظر مختلفة داخل البرلمان بشأن قانون الإجراءات الجنائية، بعضها قد يكون صحيحًا وبعضها خاطئًا، ولكن في النهاية تم رفض جميع هذه الآراء. وهذا يثير علامة استفهام كبيرة: لماذا يتم رفض جميع الاقتراحات؟ هذا السؤال يجب أن يُوجه إلى الحكومة والأغلبية التي تصر على تمرير القانون بدون أي تعديلات.
بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من القوانين التي تم تمريرها رغم أنها ليست في صالح المواطن، لكننا قمنا بدورنا في رفضها، مثل اتفاقيات القروض التي عُرضت على البرلمان. رفضنا جميعها منذ خمس سنوات حتى الآن. كما رفضنا ميزانية الدولة على مدار السنوات الماضية، وكان لدينا أسباب منطقية. تمسكنا بالاستحقاق الدستوري للإنفاق على التعليم والصحة. رأينا أن الميزانية لا تفي بالاستحقاقات الدستورية في هذين المجالين، وقدمنا بدائل وفقًا لسياستنا في حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي.
نحن نرى أن الرفض لا يكون لمجرد المعارضة فقط، بل نضع أنفسنا في مكان الحكومة ونفكر فيما كنا سنقدمه لو كنا في الحكم. لذلك، دائمًا ما نشارك بإيجابية ونقدم بدائل. فعندما رفضنا الميزانية العامة الأخيرة، قدمنا اقتراحًا لإعادة ترتيبها، وطالبنا بتقليل الإنفاق على الأشياء غير الضرورية، وزيادة الإنفاق وفقًا للدستور على التعليم والصحة. لكن في النهاية، رفضت جميع المقترحات.
نوصي للقراءة:
مها عبد الناصر: يجب وقف المشاريع غير الضرورية لصالح تلبية احتياجات المواطنين
عايدة سيف الدولة: شهادات من قلب النضال ضد التعذيب
الاقتصاد
ما تعليقك على تراجع مصر في مؤشر مكافحة الفساد الذي أُعلن عنه مؤخرًا؟
كان تراجع مصر في مؤشر مكافحة الفساد العالمي أمرًا محزنًا. فقد تراجعت مصر إلى المركز 130 من أصل 180 دولة، بعدما كنا في المركز الــ 100. هذا يعني أننا في أدنى درجات مكافحة الفساد، وهو التراجع الأكبر خلال 13 عامًا منذ انضمامنا إلى هذه المؤسسة في عام 2012. حينها كان لدينا درجة 32، ثم وصلنا إلى 37 درجة في عام 2014، وتراجعنا مؤخرًا إلى 30 درجة في آخر مؤشر صدر الشهر الماضي. هذا يثير العديد من علامات الاستفهام ويطلق ناقوس الخطر.
الفساد مثل السرطان الذي يأكل في جسد الوطن، وإذا لم نتمكن من استئصاله، فقد يقضي علينا جميعًا في وقت قريب. يجب التدخل فورًا، لأن هذا يؤثر على العديد من القطاعات، بما في ذلك سمعة البلد، وجذب الاستثمار الأجنبي، وثقة المستثمرين، والاقتصاد بشكل عام. كما يؤثر على ثقة المواطن في حكومته، مما يدفع البعض إلى التهرب من دفع الضرائب، إذ يرون غياب الشفافية وأن أموالهم لن تُصرف بطريقة صحيحة.
هذا المؤشر أيضًا يُظهر غياب العدالة الاجتماعية، حيث توجد مرتبات ضخمة تُصرف في القطاع الحكومي، بينما آخرون لا يحصلون حتى على الحد الأدنى للأجور. هناك أيضًا أزمة في تعيين المعلمين بدعوى عدم وجود إمكانية مالية، فضلًا عن أن هذا المؤشر يشير إلى وجود فساد في سياسات الحكومة نفسها.
الموضوع خطير للغاية، وأرى أن على رئيس الوزراء دراسة الأسباب التي أدت إلى تراجع مصر في مؤشر مكافحة الفساد. يجب تفعيل دور الأجهزة الرقابية مثل الجهاز المركزي للمحاسبات، الرقابة الإدارية، وجهاز مكافحة التهرب الضريبي. هذه الأجهزة تعمل بكفاءة، لكن تقاريرها غالبًا ما تُهمل ولا يتم الاستفادة منها. يجب تفعيل دور هذه الأجهزة لضمان عودتنا إلى مراكز متقدمة في مكافحة الفساد. بالإضافة إلى ذلك، يجب فتح المجال أمام الصحافة والإعلام بحرية لمواجهة الفساد دون خوف، وألا يكون هناك أحد فوق القانون أو يستخدم منصبه لاستغلال الدولة. الجميع يجب أن يخضع للمساءلة والمحاسبة كل في إطار اختصاصه.
كيف ترى الوضع الاقتصادي وما الأسباب التي أوصلتنا إلى هذا الوضع؟
كل الأمور مترابطة ببعضها البعض. عندما نتحدث عن الإصلاح السياسي ونطالب به، فإن الإصلاح الاقتصادي مرتبط بالإصلاح السياسي. عندما يكون لديك مناخ سياسي منفتح واستقرار سياسي، سيؤدي ذلك إلى زيادة الثقة لدى المستثمرين، مما يُعزز المجال الاقتصادي.
وعندما تكون هناك شفافية في المحاسبة وتتراجع الدولة عن احتكار الاقتصاد، بالتأكيد سيكون هناك تحسن في الوضع الاقتصادي، وهذا ما طالبنا به في حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي. نحن نرى أن على الدولة رفع يدها عن الاقتصاد وإفساح المجال للقطاع الخاص، وهو ما طالبت به المؤسسات الدولية أيضًا. لكن حتى الآن، لم يتم تنفيذ هذه الخطوات كما أُعلن عنها. على سبيل المثال، أصدرت الدولة وثيقة “ملكية الدولة” منذ أكثر من ثلاث سنوات، لكنها لم تُنفذ بالشكل المعلن عنه.
كما أصدرت الدولة استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد، وأقامت أكاديمية وطنية لمكافحة الفساد، ولكن كل هذا لا يزال حبرًا على ورق ولم نشهد تنفيذًا فعليًا على أرض الواقع. التراجع الاقتصادي مرتبط بالتراجع السياسي، وإذا أردنا إصلاح المنظومة، فلا بد أن نسير في كلا الاتجاهات: الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
بالنسبة لوثيقة “ملكية الدولة”، ما رأيك في بيع الأصول؟
وثيقة “ملكية الدولة” كانت خطوة إيجابية، ولكن عدم الالتزام بتطبيقها هو المشكلة. لا يمكن الحديث عن بيع الأصول بشكل عام، فهناك قواعد تحكم ذلك. العديد من الدول تتجه نحو بيع الأصول، ولكن وفق ضوابط واضحة.
عندما نتجه إلى بيع الأصول، يجب أن نعرف ماذا نبيع، وكيف، ولمن، ولماذا. هناك أصول مرتبطة بالأمن القومي، وهذه لا يمكن طرحها للبيع. أما الأصول الأخرى، فيمكن بيعها إذا توفرت الشفافية وكانت عملية البيع بسعر عادل، وكان لدينا القدرة على استثمار الأموال الناتجة عن ذلك بشكل صحيح.
على سبيل المثال، إذا قام مستثمر ببناء مجمع سكني أو منطقة عقارية وتم بيعها، يمكن أن يقوم ببناء أخرى. وإذا كانت الدولة تمتلك بنكًا صغيرًا، وتمت خصخصته لصالح مستثمر، فما المانع في ذلك؟ هذا قد يعود بالفائدة على الدولة. ولكن بيع الأصول يجب أن يكون هناك قواعد وضوابط واضحة، وأن تُباع الأصول بطريقة شفافة وعادلة.
هل كانت هناك خيارات أخرى أمام الحكومة لحل الأزمة الاقتصادية غير بيع الأصول؟
بالطبع، كان هناك خيارات أخرى في السابق، ولكننا وصلنا الآن إلى مرحلة أصبحت فيها الخيارات محدودة للغاية، ولم يعد أمام الحكومة الكثير من البدائل. وعندما تقول الحكومة إنها لم يعد لديها خيارات، كان عليها أن توضح الأسباب التي أوصلتها إلى هذه المرحلة وكيف وصلت إليها. فقد توسعت الحكومة في الاقتراض والمشروعات الضخمة التي صرفنت عليها تريليونات، مما جعلنا دولة مديونة. لم نعد قادرين على الحصول على منح ومساعدات كما كان الحال في السنوات الماضية، لأن بعض الدول التي كانت تقدم لنا المساعدات توقفت عن ذلك. لذا، أصبحنا في وضع يفرض علينا اللجوء إلى بيع الأصول.
ما رأيك في الإجراءات التي تتخذها الحكومة لحماية الطبقة المتوسطة والفقيرة من تبعات الأزمة الاقتصادية؟ وهل تراها كافية؟
الأزمة شديدة، وأصبح هناك عدد متزايد من المواطنين الذين هم في حاجة ماسة للدعم. رغم أن الحكومة زادت من المساعدات الاقتصادية والحزم الاجتماعية، إلا أن الفقر يتزايد بشكل مستمر، وكذلك الأسعار والتضخم. لذلك، ما تقدمه الحكومة غير كافٍ في ظل الظروف الحالية.
أرى أن الحكومة يجب أن تعمل على محورين بشكل متوازي. المحور الأول هو تحسين الاقتصاد العام للدولة. عندما يتحسن الاقتصاد، سيجد المواطنون فرص عمل، وتتراجع الأسعار، وسينخفض معدل الفقر. أما المحور الثاني فهو تقديم مساعدات عاجلة للفئات الأكثر احتياجًا، لأن الحكومة هي المسؤولة عن وصول هذه الفئات إلى هذا المستوى من الفقر والاحتياج، وبالتالي يجب أن تقدم لهم الدعم الاجتماعي اللازم بشكل عاجل وفعال.
ما رأيك في التوجه الذي أعلنت عنه الحكومة مؤخرًا بشأن تقديم الدعم النقدي بدلًا من العيني فيما يخص التموين؟
الدعم النقدي هو موضوع مثير للجدل، حيث انقسمت الآراء حوله. البعض يرونه جيدًا، بينما يعارضه آخرون. شخصيًا، أرى أن الدعم النقدي فكرة جيدة بشرط أن يتم تنفيذه بوضوح وضمان وصوله إلى مستحقيه. كذلك، يجب إعادة النظر في المبلغ المخصص للدعم النقدي ومراجعته بشكل دوري، بما يتناسب مع ارتفاع الأسعار والتضخم. فمن المهم أن يكون المبلغ كافيًا لتلبية الاحتياجات الأساسية أو جزءًا منها، خاصة وأن لدينا نسبة كبيرة من المواطنين تحت خط الفقر غير قادرين على شراء احتياجاتهم الأساسية من الطعام.
ما رأيك في الاقتراض الخارجي الذي قامت به الحكومة خلال السنوات الماضية وما زالت مستمرة فيه؟
نحن نواجه كارثة بسبب القروض والديون التي تراكمت علينا. لقد عارضنا كل القروض التي تم عرضها على البرلمان، كنواب عن حزب المصري الديمقراطي، لأننا رأينا أن هذه القروض تزيد من الأزمة. نحن الآن أمام دين خارجي يبلغ 155 مليار دولار، وهو أعلى دين خارجي في تاريخ مصر. إذا قمنا بترجمة هذا المبلغ إلى العملة المحلية، فإنه يعادل 7.5 تريليون جنيه، بالإضافة إلى ديون داخلية تصل إلى حوالي 8 تريليون جنيه.
أعتقد أن الكثيرين لا يدركون مدى ضخامة هذا الرقم. ولتوضيح الصورة؛ إذا صرفنا مليون جنيه يوميًا، سنحتاج إلى 2739 عامًا للوصول إلى تريليون واحد فقط. نحن نتحدث عن 7.5 تريليون دين خارجي و8 تريليون دين داخلي، وهو مبلغ مرعب. ولكن الكارثة الكبرى هي: أين ذهبت هذه الأموال؟ ولماذا تم الاقتراض بهذا الحجم؟
كل الدول عليها ديون، حتى المتقدمة منها، لكن السؤال الأهم هو: كيف تُصرف هذه الديون؟ المشكلة الأكبر ليست فقط في الاستدانة، بل في كيفية توظيف هذه الأموال. للأسف، تم استثمارها في مشاريع بدون دراسات جدوى كافية، وفي إنفاق مبالغ طائلة على أمور غير ضرورية، دون أن تذهب إلى تحسين التعليم أو مشاريع تخفف من معاناة المواطنين.
نوصي للقراءة: أسماء محفوظ: شعارات يناير لم تتحقق والسلطة تخشى المعارضة
الصحة والتعليم
ما رأيك في السياسة التي تتبعها الحكومة فيما يخص ملفي التعليم والصحة؟
لقد انتقدت وزير التعليم الجديد بشدة، وقدمت طلب إحاطة يتعلق بشهادات الوزير، حيث أثبتت أن شهادته ليست حقيقية، وطالبت بإزالة كلمة “الدكتور” من اسمه. ثم انتقدت السياسات التي يتبعها الوزير، حيث توجه بسرعة نحو تعديلات في المناهج التعليمية بعد أسابيع قليلة من تعيينه، دون الرجوع إلى لجنة التعليم في البرلمان، مما أثار استيائي.
عندما نتحدث عن تطوير التعليم، فإنني لست راضيًا عن النظام الحالي للثانوية العامة ولا عن منظومة التعليم ككل. وأرى أن التعليم بحاجة إلى تطوير، لكن هذا يجب أن يتم بشكل مدروس ومنهجي. يجب على الوزير أن يأخذ وقته في دراسة أفضل الطرق للتطوير، وعرض خطط على المتخصصين، بما في ذلك لجنة التعليم في البرلمان، التي تضم خبراء ونوابًا عن الشعب لإبداء آرائهم ومقترحاتهم.
للأسف، ما حدث هو أن الحكومة قدمت مقترحًا وتحاول فرضه دون حوار حقيقي مع المجتمع، بل اكتفت بالتشاور مع مؤيدين للفكرة. هذا ليس حوارًا مجتمعيًا، بل حوار من طرف واحد. يجب أن يتم سماع جميع الآراء، سواء المؤيدة أو المعارضة، للوصول إلى الحل الأمثل.
بالنسبة للتعليم، المشكلة الأساسية هي العنصر البشري. نحن نواجه عجزًا كبيرًا في عدد المعلمين، كما أن رواتبهم ليست كافية. لذا، يجب التركيز أولًا على تحسين أوضاع المعلمين قبل الحديث عن تغيير المناهج أو نظام الامتحانات. الإصلاح الحقيقي يبدأ بالعنصر البشري.
وبشكل عام أرى أن الأزمة الأساسية في ملفي الصحة والتعليم تكمن في رؤية الحكومة لهذه الملفات. الحكومة لا تعتبر التعليم والصحة من الأولويات، وهذا يتضح من المخصصات المالية لهذين القطاعين في الموازنة العامة. إصلاح التعليم والصحة يحتاج إلى إرادة حقيقية من الدولة والحكومة، ورؤية واضحة تجعل التعليم والصحة أولويتين. إذ يجب تخصيص ميزانية كافية للاستثمار في هذه المجالات، لكن هذا لم يحدث.
ببساطة، الحكومة لا تعطي التعليم والصحة الاهتمام الذي يستحقانه، ولا تصرف عليهما قدرًا كافيًا، وبالتالي لا تصل هذه الملفات إلى المستوى المطلوب من الإصلاح.
نوصي للقراءة: مالك عدلي: أزمة الحبس الاحتياطي لا تحتاج إلى حوار وطني (حوار)
حقوق الإنسان
ما تعليقك على الانتقادات الموجهة لمصر فيما يخص سجلها في حقوق الإنسان؟
لكي نكون موضوعيين، كل الدول تواجه ملاحظات في المراجعة الدورية الشاملة فيما يخص ملف حقوق الإنسان. لا أريد أن تذهب مصر إلى هذه المراجعة فقط لتظهر بشكل جيد أمام المجتمع الدولي، بل أريد أن تظهر الحكومة للمجتمع الداخلي أننا نحترم حقوق الإنسان. لا يهمني أن تبدي الحكومة صورة لائقة أمام المجتمع الدولي بقدر ما يهمني أن يتم تطبيق معايير حقوق الإنسان في الداخل. المواطن المصري يستحق أن يعيش في بيئة تضمن حقوق الإنسان، بغض النظر عن رؤية المجتمع الدولي ومدى رضاه عن سجل مصر في هذا الشأن.
بالطبع، نحن نواجه أزمة في حقوق الإنسان والحريات، لكن هذه ليست مشكلة مصر وحدها. العديد من الدول المتقدمة لديها أزمات مشابهة، مثل الولايات المتحدة. لكن وجود أزمات في دول أخرى لا يعني أن علينا السكوت عن الانتهاكات التي تحدث داخل مصر. نطمح إلى أن تكون دولتنا أفضل، وأن تحظى بحريات وحقوق إنسان أكبر، فنحن كشعب مصري نستحق حقوقًا وحريات أكثر.
هل ترى أن البرلمان لديه سلطة حقيقية في مناقشة الحقوق والحريات؟
نظريًا، البرلمان لديه سلطة كبيرة وفقًا للدستور، بما في ذلك القدرة على مساءلة الحكومة أو إقالتها. لكن عمليًا، هذا لم يحدث أبدًا بسبب سيطرة الأغلبية الساحقة في البرلمان، حيث يشكل المؤيدون للحكومة حوالي 90%، وبالتالي يقفون إلى جانب الحكومة في كل الحالات، سواء كانت الحكومة مخطئة أو محقة. لذا، عندما نحاول استجواب الحكومة أو مساءلتها، نصطدم بأصوات الأغلبية التي تدعمها بشكل تلقائي.
كنت من النواب القلائل الذين تحدثوا عن قضية علاء عبد الفتاح داخل البرلمان وطالبت بالإفراج عنه. لماذا فعلت ذلك رغم الهجوم المتوقع عليك؟ وكيف ترى تعامل الدولة مع قضيته؟
أنا النائب الوحيد الذي استخدم أداة برلمانية رسمية في قضية علاء عبد الفتاح، ولست نادمًا على ذلك. أرى أن هذا هو دوري الذي يجب أن أقوم به، رغم علمي المسبق أن هذا سيثير عاصفة من الهجوم علي من البعض الذين يؤيدون موقف الدولة. البعض يعتبر علاء عبد الفتاح من الإخوان أو يرون أنه يجب سجنه، وهذا غير صحيح. مع ذلك، واجهت اتهامات عديدة بسبب موقفي، لكني كنت أعلم أن هذا سيحدث، ورغم ذلك قمت بما أراه واجبًا.
من الناحية القانونية، علاء عبد الفتاح أنهى مدة عقوبته وكان من المفترض أن يتم الإفراج عنه في سبتمبر الماضي، لكن هذا لم يحدث حتى الآن. ومن الناحية الإنسانية، والدته دخلت في إضراب عن الطعام منذ ما يقارب خمسة أشهر، وأصبحت في حالة صحية سيئة لأنها مسنة وتريد الحرية لابنها بعد انتهاء مدة الحكم.
تقدمت بهذا الطلب بروح الطبيب الذي يسعى لإنقاذ حياة أم تدافع عن ابنها، وبروح البرلماني الذي يطالب بتطبيق القانون والدستور. وطلبي الذي تقدمت به ليس متعلقًا بعلاء عبد الفتاح وحده، بل تضمن حالات أخرى مشابهة، مثل محمد عادل ومحمد أكسجين، وأسماء أخرى لا أعرفها شخصيًا لكني أعرف قصصهم وأنهم أنهوا مدة عقوباتهم ولم يتم الإفراج عنهم.
أتمنى الإفراج عن علاء عبد الفتاح قريبًا وعن كل من سجن بسبب رأي مخالف أو لا يروق للحكومة، مهما كان هذا الرأي. حتى إن كانت هناك تجاوزات في بعض الآراء، فهذا لا يعني أن يتم حبس الأشخاص. فلا ينبغي حبس شخص بسبب منشور على فيسبوك أو كلمة أغضبت الحكومة.
لماذا لم يتم الاستجابة لكل المطالبات بالإفراج عن علاء عبد الفتاح؟ وهل تعتقد أن هناك انفراجة قريبة في ملف المحبوسين؟
لماذا لم يتم الإفراج عن علاء عبد الفتاح؟ هذا هو السؤال الذي طرحته في طلب الإحاطة. أما بالنسبة لإمكانية حدوث انفراجة في ملف المحبوسين، فأتمنى ذلك. أعتقد أن الإفراج عن هؤلاء السجناء في قضايا الرأي هو في مصلحة الحكومة قبل أن يكون في مصلحة المسجونين أو أسرهم. إعطاء مساحة من الحرية والإفراج السياسي سيساهم في استقرار الدولة ويكون في مصلحة الجميع، وأتمنى أن يحدث هذا قريبًا.
بالإشارة إلى قانون الإجراءات الجنائية، هل تعتقد أن هذا القانون سينهي أزمة الحبس الاحتياطي؟
الأمر ليس متعلق بالشق القانوني فقط لكنه مرتبط بالأساس بالممارسات. صحيح أن القانون الحالي يحدد مدة للحبس الاحتياطي، ولكن هذه ليست المشكلة الوحيدة. هناك مواطنون ينتهون من الفترة القانونية للحبس الاحتياطي ثم يتم تدويرهم في قضايا أخرى بنفس التهم، ليتم حبسهم من جديد. هذه الممارسة تُعرف بـ”تدوير القضايا”، وهي المشكلة الأكبر من الحبس الاحتياطي نفسه.
القانون يحدد مدة الحبس الاحتياطي، لكن ما يحدث على أرض الواقع أن البعض يتم تدويرهم في قضايا جديدة بعد انتهاء مدة حبسهم الاحتياطي، وهذا هو التحدي الحقيقي. لا يمكن حل هذه المشكلة بالقانون وحده، بل نحتاج إلى إرادة حقيقية وممارسات شفافة تضمن الحريات وتوقف هذا النوع من الانتهاكات. أزمة “تدوير القضايا” هي واحدة من أكبر المشاكل التي تواجهنا في ملف حقوق الإنسان.
موقع “زاوية ثالثة” تعرض للحجب مؤخرًا، وأُضيف إلى قائمة المواقع الصحفية المحجوبة دون أي توضيح رسمي. هل كان للبرلمان دور يجب أن يقوم به فيما يخص حجب المواقع؟ وما تعليقك على أزمة حجب المواقع؟
بالطبع، البرلمان كان يمكنه استخدام أدواته البرلمانية لمطالبة الحكومة بتوضيح الإجراءات المتخذة بحق المواقع المحجوبة، واستجواب المسؤولين عن هذا الأمر، والمطالبة بوقف الحجب. لكن الأهم من ذلك هو أن الحكومة أو الجهات التي تتخذ قرار الحجب يجب أن تفهم أننا في عام 2025، ولا يوجد ما يسمى بحجب المعلومة أو الإعلام. العالم أصبح صغيرًا، وأي شخص يمكنه الوصول إلى المعلومات بطرق متعددة.
حجب الرأي ليس هو الحل. إذا كانت هناك منصات أو قنوات تنتقد الحكومة، فيجب الرد عليها بآراء أخرى وتصحيح المعلومات إذا كانت خاطئة، وليس حجب المواقع. حجب الرأي يعني أن المواطن سيلجأ إلى كل الطرق للوصول إلى هذه المعلومات أو المواقع لأنه يريد أن يعرف لماذا حُجبت المعلومات عنه. هذا ليس منطقيًا ولا مقبولًا، حتى لو نظرنا من منظور الحكومة. الحل ليس في منع المعلومات وكتم الأصوات، بل في النقاش المفتوح والتعامل مع المعلومات بشفافية.
نوصي للقراءة: جمال عيد: بعض مؤيدي النظام يؤيدونه خوفًا.. لا يمكن استمرار الحكم بالقمع والإفقار (حوار)
قضايا إقليمية
ما تقييمك لموقف البرلمان فيما يخص القضايا الإقليمية، خصوصًا القضية الفلسطينية؟ وما رأيك في أداء وزارة الخارجية؟
فيما يخص القضية الفلسطينية، نحن في حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي عبرنا عن رأينا بوضوح، وهو دعم الشعب الفلسطيني ورفض التهجير القسري أو الطوعي أو المؤقت، ودعم حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم. هذه من الملفات القليلة التي توافقنا فيها مع سياسة الحكومة الخارجية، وأيدنا موقفها.
على المستوى البرلماني، الدولة تفضل العمل في هذه الملفات الحساسة بالتعاون مع وزارة الخارجية والأجهزة الأمنية بشكل مباشر، ولم يكن هناك دور كبير للبرلمان في هذه القضايا.
أما بخصوص قضية سد النهضة، فقد بدأت منذ سنوات طويلة، وأرى أن هناك قصورًا أو تأخرًا في التعامل مع هذا الملف، وهو ما أوصلنا إلى هذا الوضع الصعب. أما في القضية الفلسطينية والملفات الأخرى، فأرى أن أداء وزارة الخارجية كان جيدًا، ونتائج القمة الأخيرة كانت إيجابية. حتى الدول التي لم تحضر القمة لم تكن مؤثرة في الخطة المصرية التي دعمتها 57 دولة عربية وإسلامية تقريبًا، وهناك تحركات إيجابية لمزيد من الدعم العالمي لهذه الخطة.
هل ترى أن البرلمان عليه لعب دور أكبر في السياسة الخارجية؟
نعم، أرى أن البرلمان يجب أن يكون له دور أكبر في السياسة الخارجية، وأيضًا في السياسة الداخلية. يجب أن يتوسع دور البرلمان الرقابي والتشريعي، وألا يقتصر على إصدار القوانين المقدمة من الحكومة. البرلمان يجب أن يكون له دور أكثر تأثيرًا واستقلالًا.
نوصي للقراءة: خالد داوود لزاوية ثالثة: 10 سنوات من غياب الأجهزة الرقابية عن محاسبة السلطة (حوار)
سياسة
هل ترى أن البرلمان الحالي قادر على محاسبة الوزراء؟
عندما تكون الأغلبية مع الحكومة، والمعارضة تمثل أقل من 10% داخل البرلمان، وتكون المعارضة الحقيقية أقل من 5%، يصبح من الصعب جدًا محاسبة الحكومة أو الوقوف ضدها. أتمنى أن يتغير هذا الوضع في البرلمان المقبل، وأن يكون للمعارضة نسبة أكبر تصل إلى 40%. هذا سيمنح البرلمان والحكومة توازنًا أكبر، ويجبر الحكومة على التفكير مليًا قبل اتخاذ أي قرار. حينها، سيكون البرلمان قادرًا على محاسبة الحكومة ومساءلتها بفعالية أكبر.
ما هي المعايير التي يجب أن تحكم اختيار الوزراء في أي تعديل حكومي؟
أرى أن منصب الوزير ليس فقط منصبًا تنفيذيًا، بل هو منصب سياسي في الأساس. الوزير يجب أن يكون قادرًا على رسم السياسات العامة، وليس فقط تنفيذ سياسات الحكومة. من المفترض أن يكون لديه مستشارون يساعدونه في تنفيذ هذه السياسات. أيضًا، يجب أن يتم اختيار الوزراء بشفافية تامة، وأن لا يكون هناك تضارب في المصالح. لا يصح أن يتم تعيين وزير لديه مصالح خاصة تتعارض مع منصبه. على سبيل المثال، لا يجوز أن يكون وزير التعليم لديه مدارس خاصة، أو أن يكون وزير الصحة يمتلك مستشفيات.
هل ترى أن النظام السياسي الحالي يحتاج إلى إصلاح؟
بالتأكيد، وهذا ليس رأيي وحدي. في إفطار الأسرة المصرية عام 2022، أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي دعوة للحوار الوطني. كنت حاضرًا في ذلك الإفطار، وسمعت من الرئيس أن الإصلاح السياسي تأخر، وأن الوقت قد حان للبدء في هذا الإصلاح. الحوار الوطني بدأ من منطلق الإصلاح السياسي، ثم جاء الحديث عن الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي. البداية كانت من الإصلاح السياسي، وهذا ما أكد عليه الرئيس، وأثنيت حينها على هذا الاتجاه.
البداية الجيدة لأي علاج تكمن في الاعتراف بوجود أزمة، وإذا كانت هذه الدعوة من الرئيس تعني أن هناك مشكلة، فهذا يعني أننا في حاجة حقيقية للإصلاح. قد نكون بدأنا في معالجة الأزمة، لكننا لم ننته بعد.
بمناسبة الحوار الوطني، ما تعليقك على تجربة الحوار الوطني؟ وهل تم النظر بجدية في مخرجاته؟
الحوار الوطني كان فكرة جيدة، ونحن كحزب من أوائل المؤيدين لها. شاركنا في كل الجلسات، وقد قدمنا أوراق سياسات وأفكارًا للإصلاح. أتمنى أن يكون الحوار الوطني ليس مجرد حدث يبدأ وينتهي، بل أن يكون منهجًا لإدارة الحياة السياسية، من خلال المشاركة والحوار بين المعارضة والموالاة وكافة الأطياف السياسية.
البداية كانت قوية جدًا، وشهدت زخمًا ومشاركة متخصصين، لكن المخرجات لم تكن بنفس القوة. أتمنى في المستقبل أن يتم النظر بجدية في مخرجات الحوار الوطني والعمل على تنفيذها، لكي لا يذهب هذا الجهد هباءً ويستفيد منه المواطن والوطن.
كيف ترى مستقبل الحياة الحزبية في مصر؟
مستقبل الحياة الحزبية يعتمد على الإرادة السياسية لفتح المجال السياسي. الأحزاب تكبر وتزدهر عندما تكون جزءًا من الحكم، أو على الأقل عندما يكون لها حضور في البرلمان والإعلام. لكن حاليًا، عدد نواب المعارضة في البرلمان قليل، ووسائل الإعلام ليست مفتوحة لهم بشكل كافٍ، مما يحد من قدرتهم على التواصل مع الجمهور.
الأحزاب ليست جمعيات خيرية، بل دورها ممارسة السياسة. ولذا، يعتمد نجاح الأحزاب على توفير مساحة إعلامية لها، وتمكينها من التعبير عن سياساتها لتصل إلى الرأي العام وتكون جزءًا من صنع القرار.
هل هناك رسالة معينة تود توجيهها إلى السلطة أو الحكومة؟
الحياة السياسية تقوم على وجود أحزاب قوية وتعددية حزبية. لا يصح أن تكون لدينا سياسة بدون أحزاب قوية، لأن وجود الأحزاب المدنية القوية هو حماية للدولة وللأمن القومي. الخوف من عودة الإخوان لا يجب أن يؤدي إلى احتكار الرأي الواحد، بل يجب أن يكون لدينا أحزاب مدنية قوية توفر بدائل متعددة للمواطنين. هذه هي الضمانة لاستمرار الدولة المدنية الحديثة، وتقوية الأحزاب المدنية يتم عن طريق فتح المجال الإعلامي والسياسي لهم.