المؤتمر العام السادس للصحافة المصرية: خطوة نحو التغيير

يشير الاستبيان إلى أن 13.1٪ من الصحفيين لا يتقاضون أي أجر على الإطلاق، بينما يتلقى آخرون أجورًا لا تتجاوز ألف جنيه
Picture of منار بحيري

منار بحيري

في مواجهة التحديات الكبرى التي يمر بها القطاع الصحفي في مصر، عقد المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين ليضع أساسًا جديدًا للإصلاح والتطوير. المؤتمر لم يقتصر على الدفاع عن حقوق الصحفيين، بل عمل على وضع حلول عملية لتطوير أدوات المهنة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة والتضييقات السلطوية.

كانت أبرز مخرجات المؤتمر التأكيد على دور الصحافة كأداة للرقابة والمساءلة، مع تعزيز قيم الشفافية والاستقلالية.

وفي خطوة تمهد لتحضيرات المؤتمر العام، أعلنت نقابة الصحفيين عن نتائج استبيان شامل أجرته على عينة مكونة من 1568 صحفيًا، سواء من الأعضاء النقابيين أو غير النقابيين. وكشفت الدراسة عن مشكلات جوهرية تتعلق بهيكل الأجور وعلاقات العمل داخل الوسط الصحفي.

كانت أهم النتائج والتحديات، غياب لوائح الأجور، إذ أظهر الاستبيان أن 51.8٪ من المؤسسات الصحفية لا تمتلك لوائح واضحة للأجور، وتجاهل الحد الأدنى للأجور، فإن نحو 50.5٪ من المؤسسات لا تطبق الحد الأدنى للأجور، في حين أن نسبة ضئيلة جدًا تبلغ 27.9٪ تطبقه بالكامل، وكذا أن هناك أجور متدنية أو معدومة فيشير الاستبيان إلى أن 13.1٪ من الصحفيين لا يتقاضون أي أجر على الإطلاق، بينما يتلقى آخرون أجورًا لا تتجاوز ألف جنيه، كما أظهر أن 41٪ من الصحفيين أُجبروا على البحث عن عمل إضافي غير صحفي لتلبية احتياجاتهم الأساسية، فيما تعرض نحو 27٪ من الصحفيين الذين شملهم الاستبيان للفصل التعسفي.

وبحسب نسخة من الاستبيان حصلت عليها زاوية ثالثة، فإنه يعكس التحديات الاقتصادية والمهنية التي تواجه الصحفيين، مسلطًا الضوء على أزمة عميقة في علاقات العمل وغياب سياسات واضحة تحترم حقوق الصحفيين. تُعد هذه الأرقام نقطة انطلاق أساسية لوضع خطة إصلاحية شاملة تعالج الخلل في منظومة الصحافة؛ لذا أعلن نقيب الصحفيين خالد البلشي عن إطلاق حملة “من أجل راتب عادل للصحفيين”، مؤكدًا ضرورة إصلاح الأوضاع الاقتصادية من خلال ضمان تطبيق الحد الأدنى للأجور.

وطالب “البلشي” بزيادة بدل التدريب والتكنولوجيا كخطوة مبدئية لتحسين الأوضاع المعيشية للصحفيين، وضرورة أن يكون هناك تدخل تشريعي عاجل لضمان حقوق الصحفيين في علاقات العمل، خاصة فيما يتعلق بالفصل التعسفي، مشيرًا في كلمته الافتتاحية للمؤتمر، إلى أن هذه الأرقام تدق ناقوس الخطر، مشددًا على أن إنقاذ مهنة الصحافة في مصر يتطلب تحركًا سريعًا لضمان العدالة الاقتصادية والمهنية للصحفيين.

 يقول خالد البلشي في تصريح إلى زاوية ثالثة إن المؤتمر كان همه الأكبر دعم الصحفيين وضمان حقوقهم، مؤكدًا أن النقابة تسعى إلى اتخاذ خطوات حاسمة لتحسين أوضاع الصحفيين داخل المؤسسات الإعلامية. تضمنت الدعوات إدخال تعديلات على مشروع قانون العمل لضمان حماية الصحفيين من الفصل التعسفي، بما يحافظ على حقوقهم الاقتصادية، دون المساس بمصالح بقية العاملين، كما أكدت النقابة على ضرورة صياغة تشريعات جديدة تُلزم المؤسسات الحكومية والخاصة بتطبيق التوصيات ذات الصلة.

يتطرق نقيب الصحفيين في حديثه معنا إلى أن مشروع حرية تداول المعلومات كان ضمن أولويات النقابة، مع المطالبة بإقرار قانون يمنع الحبس في قضايا النشر، ما يُعد خطوة أساسية نحو تعزيز حرية الصحافة، كما تُركز النقابة على تحسين الأجور من خلال توصيات واضحة تدعو إلى تحديد حد أدنى عادل لأجور الصحفيين، وتفعيل آليات لزيادة موارد النقابة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.

لتنفيذ هذه الأهداف، يؤكد أنه تقرر تشكيل لجنة من النقيب ومجلس النقابة والأمانة العامة والنقباء السابقين، لمتابعة التوصيات، على أن تُعرض نتائج هذه اللجنة على الجمعية العمومية لاعتمادها كمرجعية مستقبلية، وأكدت النقابة أهمية الاستعانة بـ”القوى الناعمة” مثل الشخصيات العامة، والنواب، والكتّاب لدعم مطالب الصحفيين، في خطوة تستهدف تعزيز نفوذ النقابة وتحقيق تطلعات أعضائها، هذه الإجراءات تأتي في سياق رؤية شاملة تسعى إلى دعم الصحفيين، تعزيز حرية الإعلام، وضمان بيئة عمل مستدامة تحفظ كرامة العاملين في المهنة.

تقول شيماء حمدي الصحفية في منصة زاوية ثالثة والباحثة في حرية الإعلام (شاركت في لجان إعداد وتنظيم المؤتمر) إنه منذ صدور قانون 180 لعام 2018 وتشكيل المجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام، برزت أزمة كبيرة تواجه المواقع الإلكترونية فيما يتعلق بالحصول على التراخيص اللازمة. القانون، الذي كان من المفترض أن ينظم المجال، وضع شروطًا تعجيزية تعوق المواقع الناشئة. ومع ذلك، التزمت العديد من المواقع بمحاولة الامتثال لهذه الشروط، إلا أنها اصطدمت بعراقيل إضافية.

وتضيف في تصريحاته لـ”زاوية ثالثة” من أبرز المشكلات التي تواجهها هذه المواقع أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام لا يلتزم بالرد على طلبات التراخيص خلال 90 يومًا كما تنص اللائحة التنفيذية، بل تتأخر الردود لأشهر وربما سنوات، وفي النهاية تُرفض بعض الطلبات دون توضيح الأسباب. على الجانب الآخر، تُمنح مواقع أخرى التراخيص رغم أنها مرت بنفس المسار، مما يثير تساؤلات جوهرية حول المعايير التي يعتمدها المجلس في اتخاذ قراراته.

وتطالب: نحن كصحفيين وباحثين في مجال حرية الإعلام نطالب المجلس بتطبيق القانون بشكل عادل وشفاف، رغم العراقيل الموجودة فيه. التطبيق العادل هو الخطوة الأولى، وبعد ذلك يمكن أن نعمل جميعًا على تعديل القانون بما يحقق التوازن بين تنظيم المجال ودعم حرية الإعلام.

وتتابع: عدم منح التراخيص يضع المواقع في مواجهة مخاطر مهنية جسيمة، أبرزها إمكانية الحجب في أي وقت، مما يثني رجال الأعمال والصحفيين عن إطلاق مشاريع إعلامية جديدة. هذا الأمر يؤثر بشكل خاص على المواقع الحزبية، حيث ينص قانون الأحزاب السياسية على السماح لكل حزب بإصدار صحيفتين معفيتين من التراخيص، لكن القانون الجديد ساوى بين المواقع الحزبية والمواقع الأخرى، ما جعل إطلاق المواقع الحزبية أمرًا شبه مستحيل بسبب نفس العراقيل، سواء بعدم الرد أو رفض الطلبات.

وتستطرد: حرية النشر والتعبير هي حجر الأساس لاستقرار أي مجتمع. عندما تمنح الصحافة مساحة حقيقية للنشر والتعبير، فإنها تلعب دورًا أساسيًا في مواجهة الشائعات والأخبار المغلوطة. لا يمكن أن نطالب الصحفيين بتقديم معلومات دقيقة وموثوقة بينما يتم اتهامهم بنشر أخبار كاذبة بشكل تعسفي، وفي الوقت نفسه تُحجب المعلومات عنهم، نحن بحاجة ماسة إلى إعادة النظر في السياسات الحالية لضمان توفير بيئة إعلامية شفافة وداعمة لحرية الصحافة والنشر”.

 

نوصي للقراءة: خنق الصحافة المستقلة: كيف تُحرَم المنصات من التراخيص في مصر؟

 أزمة الصحافة الإلكترونية

يقول حسين الزناتي – عضو مجلس نقابة الصحفيين-، إن هناك مشكلة جوهرية تتعلق بقيد العاملين بالمواقع الإلكترونية في النقابة، إذ إن القانون الحالي لا يتيح لهم هذا الحق، ما يجعلهم غير قادرين على الانضمام إلى النقابة بشكل قانوني، ويضيف: “دائمًا ما تُلقى هذه المشكلة على عاتق النقابة، لكن في الواقع، المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على عاتق المواقع الإلكترونية نفسها، فهي مطالبة باتخاذ خطوات لصالح العاملين بها.”

ويؤكد الزناتي في حديثه معنا أهمية وجود تشريع جديد ينظم دخول هؤلاء الصحفيين إلى نقابة الصحفيين، مشيرًا إلى أن المواقع يجب أن تمارس المهنة بشكل احترافي وتتخذ خطوات ملموسة لدعم العاملين بها. يقول: “هناك بالفعل مواقع/ منصات بارزة وذات تأثير كبير في السوق، مثل مصراوي وصدى البلد، تعمل باحترافية ولديها حس صحفي متميز” وفق تعبيره.

ويضيف: “لا توجد مشكلة في أن تقوم هذه المواقع أو المنصات بإصدار مطبوعة خاصة بها كحل مؤقت لحين تعديل التشريع، مثل هذه الخطوة ستكون لصالح الصحفيين العاملين في هذه المنصات، خاصة أن أغلب هذه المؤسسات لديها عمالة ومقرات وأجهزة تمكنها من إصدار منتج صحفي مطبوع بمستوى محترم، تكلفة المشروع الثابتة متوفرة، والمشكلة تكمن فقط في تكاليف الطباعة.”

ويستطرد: “إذا قامت هذه المواقع بإصدار جريدة أسبوعية، يمكن أن تتيح النقابة قيد 15 زميل سنويًا، وإذا كانت الجريدة يومية، قد يصل العدد إلى 30 زميل في السنة. نحن ننادي المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والنقابة للنظر في تسهيلات مثل. تقسيط رسوم إصدار المطبوعات أو تخفيضها لتشجيع المواقع على اتخاذ هذه الخطوة.”

يشدد “الزناتي” على أن هذا الاقتراح ليس معركة بين الصحافة المطبوعة والإلكترونية، بل مبادرة تسهم في دعم الصحافة المطبوعة من جهة، وتساعد الصحفيين العاملين بالمواقع الإلكترونية من جهة أخرى، ويضيف: “إصدار مطبوعات من قِبل المواقع الإلكترونية يدعم الزملاء ويمدهم بخبرة مهنية جديدة، كما يعزز من مكانة الصحافة المطبوعة في ظل التحول الرقمي. نحن لسنا في صراع؛ بل نبحث عن حلول تخدم الجميع لحين تعديل القانون.”

ويرى الزناتي أن: “إلقاء المشكلة على النقابة دون اتخاذ خطوات فعلية يعكس رغبة في إبقاء علاقة العمل بين أصحاب المواقع والعاملين جيدة، لكن إذا توافرت النوايا الصادقة تجاه شباب الصحفيين، فإن هذا الحل ليس مكلفًا، ويمكن تنفيذه بسهولة من قِبل أصحاب المواقع”.

 

نوصي للقراءة: هل تنصف نقابة الصحفيين المصرية العاملين بالصحافة الإلكترونية؟

مقترح لحل أزمة قيد الصحفيين

يكشف أبو السعود محمد – عضو لجنة القيد السابق-، أن لائحة القيد المعمول بها حاليًا وُضعت عام 2015، لكن هناك توجهًا نحو إنشاء منظومة جديدة أكثر تطورًا لتنظيم عملية القيد، ويضيف: “تصوري أن يبدأ تدريب الصحفي أو أي شخص يرغب في العمل الصحفي من النقابة نفسها، وليس من الجريدة، ثم يصرح الشخص للنقابة  برغبته في دخول المجال الصحفي، فتقوم النقابة بتدريبه مدة ستة أشهر أو سنة، وخلال هذه الفترة يُضاف اسمه إلى قائمة الأشخاص الذين اجتازوا الدورات التدريبية.”

ويتابع في حديثه إلى زاوية ثالثة: “عندما يؤسس صحفي جريدة جديدة، يمكنه اللجوء إلى النقابة للحصول على أسماء المتدربين الجاهزين للعمل، ويتم الاستعانة بهم لفترة أولية من ثلاثة إلى أربعة أشهر، إذا أثبت الصحفي كفاءته خلال هذه الفترة، يعود إلى النقابة مرة أخرى لاستكمال دورة القيد الرسمية والحصول على كل ما يحتاجه لممارسة المهنة، بهذه الطريقة، نختصر الدورة التقليدية التي تبدأ من الجريدة حيث قد تُستغل لأغراض شخصية أو غير مهنية.”

ويؤكد عضو لجنة قيد الصحفيين السابق، أن حل مشكلة قيد الصحفيين الإلكترونيين تكمن في تغيير قانون النقابة، موضحًا أن المادة 12 من القانون الحالي عقبة كبيرة. يقول: “المادة 12 بمثابة لغم قانوني، إذا استخدمناها في قيد الصحفيين الإلكترونيين المستحقين، بعد تعديل اللائحة وإضافة بند خاص بالصحافة الإلكترونية وقبول المحترفين، سيأتي غير المحترفين أيضًا ويطالبون بالقيد، وإذا تم منعهم بناءً على اللائحة، سيستخدمون المادة 12 التي تتيح دخولهم رغمًا عن ذلك، هنا يظهر أن القانون أقوى من اللائحة، ولهذا فإن تغيير القانون أصبح ضرورة ملحة”، مشددًا على أهمية تعديل التشريعات لضمان تحقيق العدالة وتنظيم القيد بشكل احترافي ومنصف للجميع.

 

نوصي للقراءة: مطالب الصحفيين الإلكترونيين: نحو تعديل شروط القيد بالنقابة 

ضمان الرواتب وزيادة “البدل”

يبدأ محمد خراجة – عضو مجلس نقابة الصحفيين-، حديثه، بالإشارة إلى القضايا الجوهرية التي تمثل أولوية للنقابة. يقول: “تركز النقابة على عدد من الملفات الأساسية التي تهم الصحفيين؛ أبرزها تعزيز الحريات، وتحسين أوضاع الأجور التي تأتي في ذيل قائمة الرواتب مقارنةً بالمهن الأخرى، وكذلك تنمية موارد النقابة لسد العجز في الأنشطة والخدمات الصحية التي نقدمها للأعضاء.”

ويتابع: “كان من المفترض أن نعقد مؤتمرًا عامًا منذ عام 2014، حيث يجب أن يُقام هذا المؤتمر كل سنتين لمناقشة المستجدات في المهنة، هذا التأخير أثر على قدرتنا على مواجهة تحديات كبرى، مثل المزاحمة التي تتعرض لها الصحافة التقليدية من مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية.”

عن تدني أجور الصحفيين، يقول عضو مجلس نقابة الصحفيين: “تقدمنا بمقترح لزيادة بدل التدريب والتكنولوجيا ليصل من ثلاثة آلاف و900 إلى ستة آلاف جنيه، وهو الحد الأدنى الذي أعلنت عنه الدولة كأجر كريم للمواطنين. هذا المقترح ضروري لأن الجمعية العمومية تضم 53% من أعضائها في مؤسسات وصحف خاصة، ومعظم هؤلاء الصحفيين لا يتقاضون رواتب من مؤسساتهم. هذا الوضع يجعل رفع البدل حقًا مشروعًا يضمن حياة كريمة للصحفيين وفقًا لنصوص الدستور.”

وفيما يتعلق بضمان دفع رواتب الصحفيين، يؤكد: “يجب أن يكون للنقابة موقف صارم تجاه المؤسسات الصحفية التي لا تلتزم بدفع مرتبات العاملين بها، يمكننا تحقيق ذلك عبر آلية الشمول المالي باستخدام الكارت الإلكتروني، ستطلب النقابة من المؤسسات الصحفية إيداع رواتب الصحفيين لمدة ستة أشهر مقدمًا، بهذه الطريقة، تتأكد النقابة من أن المؤسسة لديها الملاءة المالية لدفع الأجور بشكل منتظم. هذا النهج يعزز شفافية التعامل المالي ويضمن حقوق الصحفيين، كما يمثل خطوة حاسمة نحو بناء مستقبل مستدام لمهنة الصحافة في ظل التحديات الراهنة”.

 

نوصي للقراءة: تنديد بلا تفويض.. رسائل الصحفيات المصريات ضد جرائم الاحتلال في غزة

حقوق المرأة

تؤكد فيولا فهمي – عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين-، أهمية تحديث ميثاق الشرف الصحفي ليعكس التطورات العصرية، مبينة أن هناك حاجة مُلحة إلى إدماج النوع الاجتماعي في ميثاق الشرف الصحفي، بحيث يتضمن ضوابط ومحددات تضمن تغطية قضايا المرأة بشكل مهني، يجب ألا يتم نشر صور الضحايا أو أي صور قد تمس خصوصية السيدات اللاتي هن أطراف في القضايا الصحفية.

وتضيف: “على مستوى العناوين الصحفية، يجب أن نلتزم بعدم توجيه الاتهام للمرأة في الصياغة، حتى لا تتحول من مجني عليها إلى جاني. هذا جزء أساسي من تحسين الصورة الذهنية للمرأة في التغطيات الإعلامية.”

وتوضح فيولا أهمية التنوع في مصادر التغطية الصحفية، قائلة: من غير المقبول أن يعتمد الصحفي على مصادر معظمها رجال، أو أن تكون مشاركة النساء شكلية ومحدودة، هذا يسهم في خلق صورة ذهنية تُهمّش دور النساء وتُقلل من كفاءتهن، على الرغم من أنهن أثبتن جدارة في مختلف القطاعات.”

عن ضرورة تحديث مواثيق الشرف الصحفي، تقول إن ميثاق الشرف الحالي كُتب منذ عام 1998، وهو وثيقة عمرها 26 عامًا لم تعد تواكب تطورات مهنة الصحافة التي تتغير يوميًا، من المفترض أن تكون مواثيق الشرف خاضعة للتطوير لمواكبة مستجدات مثل الذكاء الاصطناعي وآليات العمل الحديثة.

وفيما يتعلق ببيئة العمل داخل المؤسسات الصحفية، تضيف الصحفية، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، أن مدونات السلوك تُعتبر أداة حاكمة لضبط علاقات العمل، لا يجوز التعتيم على قضايا مثل التحرش أو النزاعات بين الزملاء داخل المؤسسة، لأن هذه الشفافية تعزز بيئة عمل صحية تُحفز الإبداع والابتكار، وهو جوهر مهنتنا الإبداعية.

وتؤكد أهمية المساواة في العمل. تقول: “لا بد من تجنب التمييز بين الرجال والسيدات سواء في الرواتب أو تقسيم المهام، وأن يكون المعيار الوحيد هو الكفاءة والجدارة. مدونات السلوك يجب أن تكون ملزمة للجميع.”

وتختتم فيولا حديثها: “نحن في لجنة المرأة عملنا لمدة سبعة أشهر على إعداد مسودة لمدونة سلوك تتناول كل هذه الجوانب، ونطمح لطرحها للنقاش أمام الجمعية العمومية قريبًا، الهدف هو إقرارها لضمان إلزام المؤسسات الصحفية بها، بما يعزز دور الصحفيين ويوفر بيئة عمل أكثر عدلاً.”

 

نوصي للقراءة: بعد الحمل أو الولادة… صحفيات يُضطّهدهن بيدِ نساء 

الإفراج عن الصحفيين 

الصحفية والناشطة إيمان عوف تقول إن المؤتمر كان ناجحًا بكل المقاييس، خاصة الجلسات التحضيرية التي شهدت نقاشات مستفيضة بين الصحفيين حول المشكلات التي تواجه المهنة، ووضع حلول عملية لها، مضيفة: “قمنا بعمل رائع في إعداد مسودة قانون العمل الصحفي، إذ ركزنا على تضمين قسم خاص بحماية حقوق الصحفيات، هذه المسودة تم تقديمها للجمعية العمومية للنقابة للنقاش والإقرار.”

فيما يخص الأجور، تشير إيمان في حديثها معنا إلى أنه من ضمن التوصيات التي قدمتها وزملائها، ضرورة ألا تقبل النقابة أي عقد من المؤسسات الصحفية إلا إذا التزمت بالحد الأدنى للأجور الذي أقرته السلطة، إلى جانب متابعة عملية تعيين الصحفيين لضمان الشفافية والعدالة. تحدثت أيضًا عن قضايا الحريات الصحفية، لافتة إلى أن هناك 24 صحفيًا معتقلًا، بينهم 16 قيد الحبس الاحتياطي، “لابد أن نبدأ عهدًا جديدًا من التفاوض الجاد مع السلطة لتحسين أوضاع الصحفيين، وإذا كانت هناك نية حقيقية لذلك، فيجب أن تكون البداية بالإفراج عن الصحفيين المعتقلين بضمان النقابة، مع وضع قواعد واضحة لحماية الصحفيين ومتابعة تطبيق الحد الأدنى للأجور من خلال لجنة مخصصة لذلك.”

وتابعت: “تعديل لوائح القيد كان من أهم النقاط المطروحة، لما لها من تأثير كبير على مستقبل المهنة، كما أن نقابة الصحفيين، طوال الفترات الماضية، لم تشهد وضع مدونة سلوك تُلزم الصحفيين بمعايير واضحة، هذه المرة الأولى التي ننتقل فيها من الشكاوى إلى الفعل، من خلال جلسات نقاش تهدف للخروج بمدونة سلوك قابلة للتنفيذ”، مؤكدة أهمية المتابعة المستمرة لتنفيذ التوصيات: “طالما هناك إصرار من الصحفيين وجمعيتها العمومية، وطالما تمارس النقابة دورها بجدية في مناقشة ومتابعة تنفيذ التوصيات، فإن النقاش حول هذه القضايا سيستمر، وستتحول إلى خطوات تنفيذية حقيقية”.

 

نوصي للقراءة: غزة تُعِيد نقابة الصحفيين إلى الواجهة السياسية

 توصيات المؤتمر

في ختام المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين، أمس، خرجت الجمعية بـ توصيات رئيسية؛ ركز المحور الأول على مستقبل الصحافة والإصلاح الإداري للمؤسسات الصحفية، وفيه تم التركيز على تعزيز الشفافية والإدارة، عبر تفعيل دور الجمعيات العمومية لتقديم تقارير شاملة عن أنشطة المؤسسات الصحفية، وإنشاء نظام موحد للحوكمة الإدارية لضمان الإدارة الرشيدة وتقييم الأداء الدوري، وتحويل إدارات شؤون العاملين إلى إدارات موارد بشرية تركز على التطور المهني للصحفيين.

وتطوير الأدوات الرقمية والتسويق، عبر إنشاء وحدات للتسويق الرقمي والإعلام الاجتماعي، لتوحيد معايير النشر الإلكتروني وتدريب الكوادر، والتعامل مع المؤسسات الصحفية كعلامات تجارية مستقلة، وتعزيز هياكل الوظائف الصحفية المبتكرة، تم التركيز أيضًا على مستقبل الصحافة الورقية، عبر دمج النسخ الورقية والرقمية من خلال استراتيجيات تسويقية مبتكرة، ودعم صناعة الورق والأحبار وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وأيضًا الاعتماد على التحليل والتخصص في القضايا بدلًا من الأخبار السريعة، بجانب تطوير المحتوى القصصي والإبداعي، كما تم التركيز في المحور الأول من التوصيات على إصلاح لائحة القيد، عبر صياغة لائحة قيد جديدة تتماشى مع سوق العمل والتطورات التشريعية.

خصّ المحور الثاني الصحافة الإلكترونية، وركز على تثبيت الأرشيف الصحفي، عبر تجريم حذف الأرشيف الإلكتروني لحماية التاريخ الصحفي، والتكامل مع الإعلام الرقمي، عن طريق وضع استراتيجيات طويلة المدى لمواكبة اهتمامات الجمهور، وتعزيز استخدام منصات التواصل الاجتماعي لدعم المحتوى الرقمي.

المحور الثالث ركز على الذكاء الاصطناعي، عبر الاستثمار والتدريب، من خلال دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في التحرير الصحفي، وتدريب الصحفيين على تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي مع وضع إرشادات لاستخدامه الأخلاقي، وكذا ركز على الأخلاقيات والشفافية، عن طريق توعية الصحفيين بأخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي والتمييز بين الاستخدام الشرعي والتزييف.

المحور الرابع جاء مختصًا بتطوير المحتوى عبر السياسات التحريرية في المؤسسات، وذلك عن طريق صياغة سياسة تحريرية واضحة ومعلنة لكل مؤسسة، وإنتاج محتوى متعدد الوسائط يراعي الجمهور المستهدف، وكذا تعزيز التنوع، عبر دعم الصحافة الاستقصائية، وتوسيع إرسال المراسلين إلى الخارج لتغطية الأحداث الإقليمية والدولية. 

في المحور الخامس والسادس ركزت التوصيات على الصحف الحزبية والمتوقفة، ودعم الصحف الحزبية بإعلانات المؤسسات الحكومية وتوفير مطابع مشتركة، كما ركزت على التدريب المهني للصحفيين، وذلك عبر توسيع قاعدة المستفيدين عبر حلول تقنية منخفضة التكلفة، واستغلال الكفاءات المحلية لتقديم تدريب عملي وفعّال، كما أوصت النقابة بوضع خارطة تدريبية تلبي احتياجات السوق الصحفي.

وركزت التوصيات فيما يخص المحور السابع والثامن على تطوير التعليم الصحفي، عبر توحيد المصطلحات والمفاهيم الدراسية لتقليل الفجوة بين التعليم النظري والتطبيق العملي، وإنشاء استديوهات وغرف تحرير في الكليات لتدريب الطلاب، وكذا زيادة الإيرادات عبر تطوير أدوات التسويق، والاستثمار في التحول الرقمي، وإنشاء مصنع محلي للورق لتقليل تكاليف الاستيراد، وإسقاط فوائد ديون الضرائب والتأمينات الاجتماعية على المؤسسات، وتقديم إعفاءات جمركية وضريبية لمستلزمات الطباعة.

التوصية التاسعة والأخيرة كانت عن زيادة دخل الصحفيين وتحسين أوضاعهم، عبر تقديم أجر عادل لجميع العاملين في المهنة، ويكون ذلك عن طريق التزام المؤسسات بتطبيق الحد الأدنى للأجور، ووضع هيكل واضح يعكس سنوات الخبرة، وحظر الاعتماد على بدل التكنولوجيا كـ دخل وحيد للصحفيين، وكذا ضرورة تبني رؤية النقابة لمشروع قانون العمل الصحفي وضمان تمريره بما يتماشى مع واقع المهنة.

وفي ضوء التوصيات النهائية ونتائج الاستبيان المشار إليه سابقًا، يتكشف التحديات التي يواجهها الصحفيون، لذا من الضروري أن يتحمل الجميع مسؤولياتهم من أجل إحداث تغيير حقيقي في وضع الصحافة والصحفيين في مصر، فليس من المقبول – حسب وصف كثير من الصحفيين الذين تحدثنا معهم على هامش المؤتمر- أن تبقى الأجور دون تحديد واضح، أو أن يستمر الصحفيون في مواجهة فصول من الفصل التعسفي أو العمل في ظروف لا تليق بمهنة الصحافة.

منار بحيري
منار بحيري
صحفية مصرية

Search